شر بالذات فبطلت هذه القاعدة الكلية ان كل ما هو شر بالذات فهو امر عدمي فهذا ما ذكره العلامة الدوانى في حاشية التجريد ولم يتيسر له دفعه ولذا قال والتحقيق انهم ان ارادوا ان منشأ الشريه هو العدم فلا يرد هذا النقض عليهم وان ارادوا ان الشر بالذات هو العدم وما عداه انما توصف به بالغرض حتى لا يكون بالحقيقة الا شرية واحدة هي صفة العدم بالذات وينسب إلى غيره بالتوسط كما هو شان الاتصاف بالعرض فهو وارد فافهم انتهى كلام المحقق الدوانى قال س واقول في دفعه ان مقصودهم هو الثاني والايراد مدفوع منهم بان الالم ادراك المنافى العدمي كتفرق الاتصال ونحوه بالعلم الحضوري وهو الذى يكون العلم فيه هو المعلوم بعينه لا صورة اخرى حاصلة منه فيه فليس في الالم امران احد هما مثل التفرق والقطع وفساد المزاج والثانى صورة حاصلة منه عند المتألم لاجلها بل حضور ذلك المنافى العدمي هو الالم بعينه فهو وان كان نوعا من الادراك لكنه من افراد العدم فيكون شرا بالذات فهو وان كان نحوا من العدم لكن له ثبوت على نحو ثبوت اعدام الملكات كالعمى والسكون والفقر والنقص والامكان والقوة ونظايرها وقد علمت ان وجود كلشيئ عين مهيته فوجود العدم عين ذلك العدم كما ان وجود الانسان عين الانسان ووجود الفلك عين الفلك وعلمت ايضا ان العلم بكل شئ عين المعلوم منه بالذات فههنا الوجود عين التفرق أو الانقطاع أو الفساد الذى هو عدمي والادراك المتعلق به عين ذلك الوجود الذى هو نفس الامر العدمي فقد ثبت ان الالم الذى هو الشر بالذات من افراد العدم ولا شك ان العدم الذى يقال انه شر هو العدم الحاصل لشيى لا العدم مطلقا كما اشرنا إليه سابقا فاذن لا يرد نقض على قاعدة الحكماء ان كلما هو شر بالذات فهو من افراد العدم البتة والذى يزيدك ايضاحا لهذا المقام من ان الالام والاوجاع من جملة الاعدام ان النفس قد اشرنا إلى ان قوتها سارية في البدن وانها هي التى تشعر وتحس بانواع المحسوسات فهى بعينها الجوهر اللامس الذائق الشام وهى عين الصورة الطبيعية الاتصالية المزاجية وكلما يرد على البدن من الاحوال وجوديا كان أو عدميا فالنفس ينفعل منه ويناله بالحقيقة ويتاثر منه لاجل قواها السارية في البدن فتفرق الاتصال الوارد على الجسم لا شك انه شر للجسم لانه زوال اتصاله وعدم كماله فلو كان الجسم موجودا حيا عند انفصاله شاعرا بتفرق اتصاله كان له غاية الشرية