و هذا بخلاف القواعد الفرعيّة الظاهريّة، فانّ القيود المأخوذة في موضوعاتها نظير القيود المأخوذة في الأحكام الواقعيّة- كالسفر و الحضر و الصحّة و المرض- يشترك فيها المجتهد و المقلّد، من دخل في الموضوع ثبت له الحكم، و من خرج فلا، كالاستصحاب و الاحتياط و البراءة و التخيير في الشبهة الموضوعيّة في الأمور الخارجيّة، و قد عرفت سابقا و ستعرف أنّ إثبات بلوغ الثواب على وجه لا يعارضه بلوغ العقاب أو ثبوته ليس من وظيفة المقلّد.
و أمّا ثالثا: فلأنّا لو سلّمنا كون بلغ الثواب قيدا لموضوع الحكم الفرعي- بأن يناط الاستحباب به وجودا و عدما بالنسبة إلى المجتهد و المقلّد- لكن نقول: إنّ إفتاء المجتهد بالاستحباب و إن كان إفتاء بما لم يدلّ عليه دليل الاستحباب- لأنّ الفرض اختصاصه بمن بلغه الثواب- إلّا أنّ هذا ممّا لا يترتّب عليه مفسدة عمليّة و لا يوجب وقوع المقلّد في خلاف الواقع، إذ المقلّد حين العمل يعتمد على فتوى المجتهد، فهذه الفتوى محقّقة لموضوع حكم العقل [بقاعدة التسامح إذا أخذها من المجتهد، أو حكم عقله بها] [1] و النقل فيه باستحقاق الثواب، حيث إنّ المقلّد إنّما يأتي بالفعل رجاء للثواب. و في هذا الجواب نظر لا يخفى.
الثامن
هل يجوز للمقلّد أن يعمل بقاعدة التسامح إذا أخذها تقليدا من المجتهد أو حكم عقله بها- بناء على الاستناد فيه إلى الاحتياط- أم لا؟ الظاهر من بعض هو الأوّل [2].