و تبعه تلميذه المقداد في شرح النافع قال فيه: و مبنى الخلاف أن حضور الامام هل يشترط في ماهية الجمعة و مشروعيتها أم في وجوبها؟ فابن إدريس على الأول، و باقي الأصحاب على الثاني و هو أولى، لأن الفقيه المأمون كما تنفذ أحكامه حال الغيبة كذا يجوز الاقتداء به في الجمعة [2]، هذا كلامه.
و ما أشار إليه شيخنا من البناء لا يخلو: أما أن يراد بالاذن فيه: الاذن مطلقا، أو الاذن الخاص و هو الصادر من الامام (عليه السلام) لشخص معين. و الأول منظور فيه، فان اذن الامام في الجملة متى ثبت كونه شرطا للجمعة لزم عدم مشروعيتها بانتفائه، سواء كان شرطا لصحتها أو لوجوبها، أما إذا كان شرط الصحة فظاهر، و أما إذا كان شرط الوجوب، فلأن انتفاء الوجوب لانتفاء الشرط لا يلزم منه ثبوت الجواز لوجوه:
الأول: ما سبق بيانه في المقدمة من أن الوجوب إذا رفع لا يبقى الجواز.
الثاني: ان الجواز [3] بمعنى الإباحة لا يتصور في العبادة، و إثبات الاستحباب بغير مثبت باطل، و مع ذلك لا قائل بواحد منهما من أهل الإسلام.
الثالث: ان وجوب الجمعة إذا اختص بحال الاذن اقتضى كون الدلائل الدالة على فعلها مختصة بحال الاذن، لبطلان ما خالفها، و حينئذ فحال عدم الاذن لا يدل عليه وجوب و لا اباحة، فلا يقال فيه ارتفع الوجوب فيبقى الجواز، لأن متعلق الوجوب و الجواز يعتبر اتحاده ليتأتى فيه ذلك، و هو منتف هنا. و أيضا فإن بناء الجواز حال الغيبة على الاذن في الجملة شرط الوجوب لا يستقيم، لأن ذلك يقتضي الوجوب حال الغيبة، لتحقق الشرط بوجود الفقيه، و لا قائل به.