(عليهم السلام) الى عصرنا هذا على انتفاء الوجوب العيني عن الجمعة حال غيبة الإمام (عليه السلام) و عدم تصرفه و نفوذ أحكامه، و لعل السر فيه أن اجتماع الناس كافة في مكان واحد لفعل الجمعة- كما هو الواجب في كل بلد- مناط التنازع و التجاذب، فمع عدم ظهور الامام و نفوذ أحكامه ربما كان مثار الشر و الفساد فلم يحسن الأمر به مطلقا.
و يومئ الى ذلك ما رواه طلحة بن زيد، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال:
«لا جمعة إلا في مصر تقام فيه الحدود» [1] و ان كان في الحديث ضعف، و حيث كان كذلك لم يكن عموم الآية بالوجوب الحتمي في الأزمان الشامل لزمان الغيبة المستفاد من التكرار، الذي دل الإجماع على كونه مرادا بالأمر ثابتا، بل الثابت عمومها مطلق الوجوب الصادق بالوجوب الحتمي حالئذ و هو المدعى.
و اعترض شيخنا في شرح الإرشاد على الاحتجاج بالاية على جواز الجمعة حال الغيبة أو استحبابها: بأنه يحتمل أن يراد ب«نودي»: نداء خاص، و قرينته الأمر بالسعي [2]. يعني: يحتمل ارادة النداء حال وجود الامام (عليه السلام) بقرينة الأمر بالسعي الدال على الوجوب في زمان الغيبة.
و جوابه: ان الوجوب ثابت في زمان الغيبة و غيره كما قررناه، لأن الوجوب التخييري وجوب فلا إشكال.
الثاني: الأخبار: فمنها صحيحة زرارة، قال: حدثنا أبو عبد اللّه (عليه السلام) على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدوا عليك، فقال: «لا، انما عنيت عندكم» [3].
[1] التهذيب 3: 239 حديث 639، الاستبصار 1: 420 حديث 1617.