قيل عليه: بعد رفح المركب لا يعلم بقاء الجواز، لان رفع المركب قد يكون برفع الجزأين معا، و المقتضى منسوخ فلا يقطع ببقاء مقتضاه.
ورد: بأن بقاء الجواز متحقق لتحقق مقتضية أو لا، و الأصل استمراره فلا يرفع بالاحتمال، و المنسوخ انما هو الوجوب لا نفس الأمر المقتضي للجواز، فلا نقطع بعدم بقائه، للاكتفاء في رفع الوجوب برفع المنع من الترك، و عدم القطع ببقاء مقتضي الأمر غير قادح، لان المدعى ظهور بقائه لا القطع به.
و التحقيق: أن جواز المدلول عليه بالأمر الدال على الوجوب هو الجنس- أعني: الاذن في الفعل- لا الجواز الذي معناه استواء الطرفين، و ذلك أمر كلي لا تحقيق له الا في ضمن فرد من أفراده الأربعة، أعني: الوجوب و الندب و الكراهة و الإباحة. و بعد رفع الوجوب يمتنع بقاء الجواز المدلول عليه بالأمر تضمنا، لامتناع تحقق الكلي لا في ضمن فرد من أفراده. و الجواز الذي معناه استواء الطرفين لم يدل عليه دليل أصلا، إذ لا يلزم من ثبوت الوجوب ثبوته، كما لا يلزم من رفعه رفعه و لا ثبوته فينتفي بحكم الأصل، و حينئذ فيقطع بانتفاء ذلك الجواز.
إذا عرفت ذلك فقوله في الجواب: (بقاء الجواز متحقق لتحقق مقتضية) ان أراد به: الجواز الذي هو الأمر الكلي فهو فاسد، لأن بقاءه بعد انتفاء الوجوب ممتنع، لأن تحققه انما كان ضمنا، و ذلك يقتضي بقاءه بعد انتفاء الجزء الأخر، بل انتفاء ذلك الجزء يقتضي انتفاءه ان لم يدل دليل على تقييده بجزء آخر، و الفرض أن لا دليل يدل على ذلك أصلا.
و ان أراد الجواز بالمعنى الأخر فظاهر بطلانه.
و أما القائلون بعدم بقاء الجواز [1] فاحتجوا بأن الجواز الذي هو جزء من
[1] منهم: الشيخ حسن بن زين الدين الشهيد الثاني في معالم العلماء و ملاذ المجتهدين: