اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ مَكْنُونِ عِلْمِهِ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ، فَصَارَ إِلَيْنَا وَ تَوَارَثْنَاهُ مِنْ دُونِ قَوْمِنَا.
فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: إِنَّ عَلِيّاً كَانَ يَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ، وَ اللَّهُ لَمْ يُطْلِعْ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً فَمِنْ أَيْنَ ادَّعَى ذَلِكَ؟
فَقَالَ أَبِي: إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ ذِكْرُهُ) أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ كِتَاباً بَيَّنَ فِيهِ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فِي قَوْلِهِ: وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ[1].
وَ فِي قَوْلِهِ: كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ[2].
وَ فِي قَوْلِهِ: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ[3].
وَ فِي قَوْلِهِ: وَ ما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ[4].
وَ أَوْحَى اللَّهُ (تَعَالَى) إِلَى نَبِيِّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنْ لَا يُبْقِيَ فِي غَيْبِهِ وَ سِرِّهِ وَ مَكْنُونِ عِلْمِهِ شَيْئاً إِلَّا يُنَاجِي بِهِ عَلِيّاً، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ مِنْ بَعْدِهِ، وَ يَتَوَلَّى غُسْلَهُ وَ تَكْفِينَهُ وَ تَحْنِيطَهُ مِنْ دُونِ قَوْمِهِ، وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: حَرَامٌ عَلَى أَصْحَابِي وَ أَهْلِي أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى عَوْرَتِي غَيْرَ أَخِي عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، لَهُ مَا لِي وَ عَلَيْهِ مَا عَلَيَّ، وَ هُوَ قَاضِي دَيْنِي وَ مُنْجِزٌ مَوْعِدِي.
ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَمَا قَاتَلْتُ[5] عَلَى تَنْزِيلِهِ.
وَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ بِكَمَالِهِ وَ تَمَامِهِ إِلَّا عِنْدَ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ لِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ: أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ، أَيْ هُوَ قَاضِيكُمْ.
وَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوْ لَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ. أَ فَيَشْهَدُ[6] لَهُ عُمَرُ وَ يَجْحَدُ غَيْرُهُ؟!
[1] النّحل 16: 89، و في« م، ط، ع»:( هدى و موعظة للمتّقين).
[2] يس 36: 12.
[3] الانعام 6: 38.
[4] النّمل 27: 75.
[5] في« م»: قاتل.
[6] في« ع، م»: يشهد.