يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ[1].
ثُمَّ الْتَفَتَتْ إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا)، مُتَمَثِّلَةً بِأَبْيَاتِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى):
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ[2]
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا
وَ اجْتُثَّ أَهْلُكَ مُذْ غُيِّبْتَ وَ اغْتُصِبُوا
أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى[3] صُدُورِهِمْ
لَمَّا نَأَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْكُثُبُ
تَهَضَّمَتْنَا رِجَالٌ[4] وَ اسْتَخَفَّ بِنَا
دَهْرٌ فَقَدْ أَدْرَكُوا فِينَا[5] الَّذِي طَلَبُوا
قَدْ كُنْتَ لِلْخَلْقِ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ
عَلَيْكَ تَنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِزَّةِ الْكُتُبُ
وَ كَانَ جِبْرِيلُ بِالْآيَاتِ يُؤنِسُنَا
فَغَابَ عَنَّا[6] فَكُلُّ الْخَيْرِ مُحْتَجَبٌ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَهَا: صَدَقْتِ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفاً رَحِيماً، وَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً، وَ كَانَ- وَ اللَّهِ- إِذَا نَسَبْنَاهُ وَجَدْنَاهُ أَبَاكِ دُونَ النِّسَاءِ، وَ أَخَا ابْنِ عَمِّكِ دُونَ الْأَخِلَّاءِ[7] آثَرَهُ عَلَى كُلِّ حَمِيمٍ، وَ سَاعَدَهُ عَلَى الْأَمْرِ الْعَظِيمِ، وَ أَنْتُمْ عِتْرَةُ نَبِيِّ اللَّهِ الطَّيِّبُونَ، وَ خِيَرَتُهُ الْمُنْتَجَبُونَ، عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ[8] أَدِلَّتُنَا، وَ أَبْوَابُ الْخَيْرِ لِسَالِكِينَا[9].
فَأَمَّا مَا سَأَلْتِ، فَلَكِ مَا جَعَلَهُ أَبُوكِ، مُصَدَّقٌ قَوْلُكِ، وَ لَا أَظْلِمُ حَقَّكِ، وَ أَمَّا مَا سَأَلْتِ مِنَ الْمِيرَاثِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ».
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: «يَا سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ لِكِتَابِ اللَّهِ مُخَالِفاً؛ وَ لَا عَنْ
[1] هود 11: 39، الزّمر 39: 39 و 40.
[2] الهنبثة: الأمور الشّداد، و الاختلاط في القول« النّهاية- هنبث- 5: 278.
[3] في شرح النّهج: نجوى.
[4] في« ط»: تهجمتنا ليال.
[5] في« ط»: منّا.
[6] في« ع، م»: عنها.
[7] في« ط»: الرّجال.
[8] في« ع، م»: على الآخرة.
[9] في« ع، م»: و باب الجنّة لسالكنا.