أَيْهاً[1] مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ؛ أَ أُبْتَزُّ إِرْثَ أَبِي، يَا ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ؟! أَبَى اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ)[2] أَنْ تَرِثَ أَبَاكَ وَ لَا أَرِثَ أَبِي؟! لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً فَرِيّاً، جُرْأَةً مِنْكُمْ عَلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَ نَكْثِ الْعَهْدِ، فَعَلَى عَمْدٍ مَا تَرَكْتُمْ كِتَابَ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ وَ نَبَذْتُمُوهُ، إِذْ يَقُولُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ):
وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ[3].
وَ مَعَ مَا[4] قَصَّ مِنْ خَبَرِ يَحْيَى وَ زَكَرِيَّا إِذْ يَقُولُ رَبِ .. فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا[5].
وَ قَالَ (عَزَّ وَ جَلَّ): يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ[6] وَ قَالَ (تَعَالَى): إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ[7].
فَزَعَمْتُمْ أَنْ لَا حَظَّ لِي، وَ لَا أَرِثَ مِنْ أَبِي! أَ فَخَصَّكُمُ اللَّهُ بِآيَةٍ أَخْرَجَ أَبِي مِنْهَا؟! أَمْ تَقُولُونَ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لَا يَتَوَارَثُونَ[8]؟! أَ وَ لَسْتُ وَ أَبِي مِنْ أَهْلِ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ؟! أَمْ أَنْتُمْ بِخُصُوصِ الْقُرْآنِ وَ عُمُومِهِ أَعْلَمُ مِنَ النَّبِيِّ؟! دُونَكَهَا[9] مَرْحُولَةً مَزْمُومَةً[10] تَلْقَاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ، فَنِعْمَ الْحَكَمُ اللَّهُ، وَ نِعْمَ الزَّعِيمُ[11] مُحَمَّدٌ، وَ الْمَوْعِدُ الْقِيَامَةُ، وَ عَمَّا قَلِيلٍ تُؤْفَكُونَ، وَ عِنْدَ السَّاعَةِ مَا تَحَسَّرُونَ، وَ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ[12] فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ
[1] أَيْها: أيْ هيهات، و إيها بمعنى كفّ و اسكت« الصّحاح- إيه- 6: 2226، لسان العرب- إيه- 13:
474».
[2] في الاحتجاج: أ في كتاب اللّه.
[3] النّمل 27: 16.
[4] في« ط»: و فيما.
[5] مريم 19: 4- 6.
[6] النّساء 4: 11.
[7] البقرة 2: 180.
[8] في« ط»: يتوارثان.
[9] في« ط»: ممّن جاء به فدونكموها.
[10] مرحولة: من الرّحل و هو مركب للبعير و النّاقة،« لسان العرب- رحل- 11: 274». مزمومة: من الزّمام و هو الخيط الّذي يشدّ في البرّة أو في الخشاش ثمّ يشدّ في طرفي المقود« لسان العرب- زمم- 12: 272».
[11] في« ط»: الخصيم.
[12] الأنعام 6: 67.