بحسب الظاهر بمراعاة المرجّحات ، والأخذ بالراجح وترك المرجوح ، أمرونا
بمراعاة الأعدليّة والأفقهيّة والأشهريّة ، وموافقيّة الكتاب ، والشهرة بين
الأصحاب ، ومخالفة العامّة. إلى غير ذلك [١].
وورد ما ذكرناه
بأجمعه منهم ، وكثير منها ورد في كثير من الأخبار ، بل وربّما ورد في الأخبار
المتواترة الخارجة عن حدّ الإحصاء ، بل المخالفة للعامّة والموافقة للكتاب ، ولم
يأمروا قط بالجمع بين الأخبار ، ولا كان ذلك طريقة فقهائنا إلى آخر زمان الشيخ ،
فأحدث رحمهالله هذه الطريقة ، لا لأجل الفتوى والعمل ، بل لرجوع
الهارون [٢] وأمثاله ، ولذا لم يكن جمعه فتواه ، إلّا ما شذّ ، وكان
طريقة الشيخ رحمهالله مسلوكة إلى زمان المتأخّرين إلى زمان الشارح ، فإنّهم
كانوا يرجّحون بالمرجّحات ويفتون بالراجح البتّة ، ويجعلون المرجوح الموهوم متروكا
به ـ كما أمرهم المعصوم عليهالسلام ـ إلّا أنّهم ربّما يجمعون بين المرجوح الموهوم ، والراجح ـ الّذي هو حجّة ـ
بضرب من التوجيه ، حتّى يوافق غير الحجّة الحجّة ، ويقولون : الجمع أولى من الطرح.
وهذا أيضا لا
بأس به ، كما حقّقنا في رسالتنا في « الجمع بين الأخبار » ، وما ذكر في غير العام
والخاص والمطلق والمقيّد ، وأمّا العام والخاص والمطلق والمقيّد ، فقد ذكرنا حالها
بطول وتحقيق ، وبينّا أيضا وجه حجّية الجمع في موضع يكون حجّة ، وبينّا أقسام
الجمع وما هو حجّة وما ليس بحجّة ، من أراد الاطّلاع فعليه بملاحظتها [٣].
[١] لاحظ! وسائل
الشيعة : ٢٧ ـ ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
[٢] كذا ، وفي تهذيب
الأحكام : ( أبو الحسين الهاروني العلوي ). تهذيب الأحكام : ١ ـ ٢.