الْخَرُوفَ كَمَا أَحْيَاهُ لَكَ فَيُخْبِرَكَ بِقِصَّتِنَا.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِقُدْرَتِكَ الَّتِي ذَلَّ لَهَا مُلْكُكَ إِلَّا مَا أَنْطَقْتَ هَذَا الْخَرُوفَ بِهَذِهِ الْقَصْعَةِ، فَقَالَ الْخَرُوفُ فِي وَسَطِ الْقَصْعَةِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَّ الَّذِي كَانَ سَمَّنِي لَكَ عَدُوُّكَ عَتِيقٌ وَ زُفَرُ صَارَا إِلَى هَذَا الْيَهُودِيِّ فَدَفَعَا إِلَيْهِ عِشْرِينَ دِينَاراً وَ عَهِدُوا لَهُ وَ لِقَوْمِهِ مِنَ الْيَهُودِ أَنْ لَا يُؤْذَوْا، وَ أَنْ لَا يُسْخَرُوا وَ لَا يُعَشَّرُوا، وَ لَا يُكْرَهُوا عَلَى شَيْءٍ يُرِيدُونَهُ، وَ أَنَّهُ دَسَّ السَّمَّ فِي الطَّعَامِ وَ تَلَقَّاكَ بِهِ، وَ قَالا لَهُ: الْقَهُ فِي التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُ يُعَظِّمُهَا، وَ اسْأَلْهُ أَنْ يَنْزِلَ بِكَ، وَ هَاكَ هَذَا الْخَرُوفَ وَ هَذِهِ الْعِشْرِينَ دِينَاراً، فَاتَّخِذْ بِهَا خُبْزَ الْبُرِّ وَ فَاخِرَ أَطْعِمَةِ الْأَعَاجِمِ طَبِيخاً وَ مَشْوِيًّا، وَ دُسَّ هَذَا السَّمَّ بِهَذَا الْخَرُوفِ فَفَعَلَ ذَلِكَ.
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَ اللَّهِ لَقَدْ ظَنَنَّا أَنَّ شَنْبَوَيْهِ وَ حَبْتَرَ- لَعَنَهُمَا اللَّهُ قَدْ مَاتَا، لِأَنَّهُمَا طَأْطَئَا وُجُوهَهُمَا.
قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): ارْفَعَا رُؤُوسَكُمَا، لَا رَفَعَ اللَّهُ لَكُمَا صَرْعَةً، وَ لَا أَقَالَكُمَا عَثْرَةً، وَ لَا غَفَرَ لَكُمَا ذَنْباً وَ لَا جَرِيرَةً، وَ أَخَذَ بِحَقِّي مِنْكُمَا، إِلَى كَمْ هَذِهِ الْجُرْأَةُ عَلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ؟ فَأَظْهَرَا اخْتِلَاطَ عَقْلٍ وَ دَهَشَةً حَتَّى حَمَلَا رَحْلَيْهِمَا.
وَ ضَرَبَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) بِيَدِهِ إِلَى الْخَرُوفِ وَ قَالَ لَهُ:
ارْجِعْ بِإِذْنِ اللَّهِ مَشْوِيًّا كَمَا كُنْتَ، فَرَجَعَ الْخَرُوفُ كَمَا كَانَ. فَقَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- وَ قَدْ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى لَحْمِهِ- بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ دَاءٌ وَ لَا غَائِلَةٌ، وَ أَكَلَ، ثُمَّ قَالَ كُلُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّكَ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ حَقّاً حَقّاً، وَ إِلَهِ مُوسَى وَ هَارُونَ وَ مَا أَنْزَلَ فِي التَّوْرَاةِ لَقَدْ قَصَّ عَلَيْكَ الْخَرُوفُ الْقِصَّةَ، مَا نَقَصَ حَرْفاً وَ لَا زَادَ حَرْفاً.
وَ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ وَ غَزَا سِتَّ غَزَوَاتٍ وَ اسْتُشْهِدَ فِي ذَاتِ السَّلَاسِلِ، رَحِمَهُ