حَتَّى أَسْتَأْذِنَ الْخَادِمَ فَإِنْ أَذِنَ لِي كَتَبْتُ فَجِئْتُ إِلَى بَدْرٍ فَعَرَّفْتُهُ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ وَ مَذْهَبَهُ وَ أَعْلَمْتُهُ أَنَّهُ يُرِيدُ يَكْتُبُ رُقْعَةً وَ أَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَأْذِنَ لَهُ فَقَالَ لِي:
تَعُودُ إِلَي بَعْدِ هَذَا الْوَقْتِ فَانْصَرَفْتُ فَجَاءَنِي رَسُولُ الْخَادِمِ فَسِرْتُ إِلَيْهِ وَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: اكْتُبْ بِمَا تُرِيدُ فَكَتَبْتُ رُقْعَةً أَسْأَلُ فِيهَا الدُّعَاءَ وَ انْصَرَفْنَا فَلَمَّا كَانَ بِالْعَشِيِّ جَاءَنِي رَسُولُ الْخَادِمِ فَسِرْنَا إِلَيْهِ جَمِيعاً فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ رُقْعَةً فَدَعَا لَهُ فِيهَا وَ دَفَعَ إِلَيْهِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَ قِيلَ لَهُ رَصِّعْ مِنْهَا الْخَوَاتِمَ.
وَ عَنْهُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عِيسَى بْنِ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ فِي سَنَةِ ثَمَانِيَةٍ وَ سِتِّينَ وَ مِائَتَيْنِ إِلَى الْحَجِّ وَ كَانَ قَصْدِي الْمَدِينَةَ وَ صَارِيَا حَتَّى صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ صَاحِبَ الزَّمَانِ (عليه السلام) رَحَلَ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَلَسْتُ بِالْقَصْرِ بِصَارِيَا فِي ظُلَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) وَ دَخَلَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ خَاصَّةِ شِيعَتِهِ فَخَرَجْتُ بَعْدَ أَنْ حَجَيْتُ ثَلَاثِينَ حِجَّةً فِي تِلْكَ السَّنَةِ حَاجّاً مُشْتَاقاً إِلَى لِقَائِهِ (عليه السلام) بِصَارِيَا فَاعْتَلَلْتُ وَ قَدْ خَرَجْنَا مِنْ فَيْدٍ فَتَعَلَّقَتْ نَفْسِي بِشَهْوَةِ السَّمَكِ وَ اللَّبَنِ وَ التَّمْرِ فَلَمَّا وَرَدْتُ الْمَدِينَةَ الملاية وَافَيْتُ فِيهَا إِخْوَانَنَا فَبَشَّرُونِي بِظُهُورِهِ (عليه السلام) بِصَارِيَا فَلَمَّا أَشْرَفْتُ عَلَى الْوَادِي رَأَيْتُ عُنُوزاً عِجَافاً تَدْخُلُ الْقَصْرَ فَوَقَفْتُ أَرْتَقِبُ الْأَمْرَ إِلَى أَنْ صَلَّيْتُ الْعِشَاءَيْنِ وَ أَنَا أَدْعُو وَ أَتَضَرَّعُ وَ أَسْأَلُ وَ إِذَا بِبَدْرٍ الْخَادِمِ يَصِيحُ بِي يَا عِيسَى بْنَ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَرِيَّ الْجُنْبُلَانِيَّ ادْخُلْ فَكَبَّرْتُ وَ هَلَّلْتُ وَ أَكْثَرْتُ مِنْ حَمْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ فَلَمَّا صِرْتُ فِي صَحْنِ دَارِ الْقَصْرِ فَرَأَيْتُ مَائِدَةً مَنْصُوبَةً فَمَرَّ بِيَ الْخَادِمُ وَ أَجْلَسَنِي عَلَيْهَا وَ قَالَ لِي: مَوْلَاكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ مَا اشْتَهَيْتَ بِعِلَّتِكَ وَ أَنْتَ خَارِجٌ مِنْ فَيْدٍ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي حَسْبِي بِهَذَا بُرْهَاناً فَكَيْفَ آكُلُ وَ لَمْ أَرَ سَيِّدِي وَ مَوْلَايَ فَصَاحَ يَا عِيسَى كُلْ مِنْ طَعَامِي فَإِنَّكَ تَرَانِي فَجَلَسْتُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَ نَظَرْتُ فَإِذَا عَلَيْهَا سَمَكٌ حَارٌّ يَفُورُ وَ تَمْرٌ إِلَى جَانِبِهِ أَشْبَهُ التَّمْرِ بِتَمْرِنَا بِجُنْبُلَا وَ جَانِبَ التَّمْرِ لَبَنٌ وَلِيٌّ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي عليك [عَلِيلٌ وَ نَفِهٌ وَ سَمَكٌ وَ لَبَنٌ وَلِيٌّ وَ تَمْرٌ فَصَاحَ يَا عِيسَى لَا تَشُكَّ فِي أَمْرِنَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا يَنْفَعُكَ وَ يَضُرُّكَ فَبَكَيْتُ وَ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ وَ أَكَلْتُ مِنَ الْجَمِيعِ وَ كُلَّمَا رَفَعْتُ يَدِي لَمْ يَبِنْ فِيهِ