شَغَلَتْهُمُ الرَّهْبَةُ وَ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ عَنِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَصَارَتْ صُوَرُهُمْ كَمَا تَرَوْنَ فَقُلْنَا يَا سَيِّدَنَا لَقَدْ أَقْرَرْتَ أَعْيُنَنَا بِالنَّظَرِ إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْجِنِّ فَقَالَ الْآنَ قَدْ قُبِلَتْ أَعْمَالُكُمْ عِنْدَنَا وَ عَلِمْنَا أَنَّ لِلَّهِ عِبَاداً مُكْرَمُونَ فَوْقَنَا فِي دَرَجَاتِ اللَّهِ فِي طَاعَتِهِ، قَالَ: لَمَوَالِيكُمْ مِنْ إِخْوَانِ الْجِنِّ كَالْخُرْسِ لَا يَنْطِقُونَ نُطْقَةً وَ لَا بِرُمْقَةِ عُيُونِنَا حَتَّى أُذِنَ لَهُمْ فَكَانَ السِّتْرُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ قَدْ أُسْبِلَ عَلَى أَعْيُنِنَا فَقُمْنَا وَ نَحْنُ نَشْكُرُ اللَّهَ وَ نَحْمَدُهُ عَلَى مَا فُضِّلْنَا بِهِ
فكان هذا من دلائله (عليه السلام).
وَ عَنْهُ عَنْ مُوسَى بْنِ مَهْدِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَوْلَايَ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ (عليه السلام) بِالْعَسْكَرِ فَقُلْتُ لَهُ يَا مَوْلَايَ هَذِهِ سَنَةُ خَمْسٍ وَ خَمْسِينَ وَ قَدْ أَخْبَرْتَنَا بِوِلَادَةِ مَهْدِيِّنَا فَهَلْ يُوَقَّتُ لَهَا، وَقْتٌ نَعْلَمُهُ قَالَ: أَ لَسْنَا قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُونَّا عَنْ عِلْمِ الْغَيْبِ فَنُخْرِجَ مَا عَلِمْنَا مِنْهُ إِلَيْكُمْ فَيَسْمَعَهُ مَنْ لَا يُطِيقُ اسْتِمَاعَهُ فَيَكْفُرُ فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِمَّنْ لَا يَكْفُرُ قَالَ: يُولَدُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعَةٍ وَ خَمْسِينَ وَ مِائَتَيْنِ وَ أُمُّهُ نَرْجِسُ وَ أَنَا أَقْبَلُهُ وَ حَكِيمَةُ عَمَّتِي تَحْضُنُهُ فَقُلْتُ لَكَ: الْحَمْدُ، وَ الشُّكْرُ، يَا مَوْلَايَ إِذْ جَعَلْتَنِي أَهْلًا لِعِلْمِ ذَلِكَ فَلَمْ أَزَلْ وَ جَمَاعَةٌ عَلِمَتْ مِنْهُ نَرْقُبُ الْوَقْتَ وَ نَعُدُّ الْأَيَّامَ حَتَّى وُلِدَ كَمَا قَالَ لَا زود [زِيدَ وَ لَا نَقَصَ وَ أُمُّهُ نَرْجِسُ وَ قَبِلَهُ فِي وِلَادَتِهِ وَ عَمَّتُهُ حَكِيمَةُ ابْنَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) حَضَنَتْهُ
وَ عَنْهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَصِيرِ الْبَصْرِيِّ، قَالَ: حَضَرْنَا عِنْدَ سَيِّدِنَا أَبِي مُحَمَّدٍ (عليه السلام) الْمُكَنَّى بِالْعَسْكَرِيِّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ خَادِمٌ مِنْ دَارِ السُّلْطَانِ جَلِيلُ الْقَدْرِ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: كَاتِبُنَا أَنُوشُ النَّصْرَانِيُّ وَ قِيلَ: الْيَهُودِيُّ يُطَهِّرُ ابْنَيْنِ لَهُ وَ قَدْ سَأَلَنَا أَنْ نَرْكَبَ إِلَى دَارِهِ وَ نَدْعُوَ لِابْنَيْهِ بِالسَّلَامَةِ وَ الْبَقَاءِ فَوَجَبَ أَنْ نَرْكَبَ وَ نَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّا لَمْ نَحْمِلْ هَذَا الْفَيْءَ إِلَّا أَنْ قَالَ: لِنَتَبَارَكَ بِبَقَايَا النُّبُوَّةِ وَ الرِّسَالَةِ، فَقَالَ مَوْلَانَا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْيَهُودَ وَ النَّصَارَى أَعْرَفَ بِحَقِّنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ