الْخِرَقِيُّ بِبَغْدَادَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ فِي الْخَطَّابِينَ فِي قَطِيعَةِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ أَبِي بَزَّازاً مِنْ أَهْلِ الْكَرْخِ، وَ كَانَ يَحْمِلُ الْمَتَاعَ إِلَى سَامَرَّا، وَ يَبِيعُ بِهَا وَ يَعُودُ إَلى بَغْدَادَ فَلَمَّا نَشَأْتُ وَ صِرْتُ رَجُلًا جَهَّزَ لِي أَبي مَتَاعاً وَ أَمَرَنِي بِحَمْلِهِ إِلَى سَامَرَّا وَ ضَمَّ إِلَيَّ غُلَاماً كَانَ لَنَا وَ كَتَبَ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ كَانَ بَزَّازاً مِنْ أَهْلِ سَامَرَّا وَ قَالَ انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ مِنْهُمْ صَاحِبِ طَاعَةٍ كَطَاعَتِكَ لِي وَ قِفْ عِنْدَ أَمْرِهِ وَ لَا تُخَالِفْهُ وَ اعْمَلْ بِمَا يَرْسُمُهُ لَكَ وَ أَكَّدَ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَ خَرَجْتُ إِلَى سَامَرَّا فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَيْهَا صِرْتُ إِلَى الْبَزَّازِ وَ أَوْصَلْتُ كِتَابَ أَبِي إِلَيْهِ فَدَعَا لِي حَانُوتاً وَ أَمَرَنِي الرَّجُلُ الَّذِي أَمَرَنِي أَبِي بِطَاعَتِهِ أَنْ أَحْمِلَ الْمَتَاعَ مِنَ السَّقِيفَةِ إِلَى الْحَانُوتِ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ وَ لَمْ أَكُنْ دَخَلْتُ سَامَرَّاءَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَا وَ غِلْمَانِي أَمِيرُ الْمَتَاعَ وَ أُعَايِنُهُ حَتَّى جَاءَنِي خَادِمٌ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَسَنِ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى الْخِرَقِيَّ أَجِبْ مَوْلَايَ وَ رَأَيْتُهُ خَادِماً جَلِيلًا فَرَهِبْتُهُ وَ قُلْتُ: مَا أَعْلَمَكَ بِكُنْيَتِي وَ اسْمِي وَ نَسَبِي وَ مَا دَخَلْتُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ إِلَّا فِي يَوْمِي هَذَا وَ مَا يُرِيدُ مَوْلَايَ مِنِّي فَقَالَ: قُمْ عَافَاكَ لَا تَخَفْ مَا هَاهُنَا شَيْءٌ تَخَافُهُ وَ لَا تَحْذَرُهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي وَ مَا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ مُشَاوَرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَ الْعَمَلِ بِمَا جَاءَنِي رَسْمُهُ وَ كَانَ جَارِي وَ بِجَانِبِ حَانُوتِي فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَ قُلْتُ يَا سَيِّدِي جَاءَنِي خَادِمٌ جَلِيلٌ فَسَمَّانِي وَ كَنَّانِي وَ قَالَ لِي أَجِبْ مَوْلَايَ فَوَجَبَ الرَّجُلُ مِنْ حَانُوتِهِ وَ قَالَ لِي: يَا بُنَيَّ اطْرَحْ عَلَيْكَ ثَوْبَكَ وَ أَسْرِعْ مَعَهُ وَ لَا تُخَالِفْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ وَ لَا تُرَاجِعْ فِيهِ وَ اقْبَلْ كُلَّ مَا يُقَالُ لَكَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا مِنْ خَدَمِ السُّلْطَانِ أَوْ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ قُلْتُ لِلرَّجُلِ أَنَا ابْتَعْتُ السِّعْرَ وَ مَتَاعِي مُخْتَلِطٌ وَ لَا أَدْرِي مَا يُرَادُ مِنِّي فَقَالَ: أَ لَسْتَ يَا بُنَيَّ وَ امْضِ مَعَ الْخَادِمِ وَ كُلَّ مَا يُقَالُ لَكَ، قُلْ نَعَمْ، فَمَضَيْتُ مَعَ الْخَادِمِ وَ أَنَا خَائِفٌ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَابٍ عَظِيمٍ وَ دَخَلَ مِنْ دِهْلِيزٍ إِلَى دِهْلِيزٍ وَ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ حَتَّى تُخُيِّلَ لِي أَنَّهَا الْجَنَّةُ ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى شَخْصٍ جَالِسٍ عَلَى بِسَاطٍ أَخْضَرَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ انْتَفَضْتُ وَ دَاخَلَنِي مِنْهُ هَيْبَةٌ وَ رَهْبَةٌ وَ الْخَادِمُ يَقُولُ ادْنُ مِنِّي حَتَّى قَرُبْتُ مِنْهُ فَأَشَارَ إِلَيَّ بِالْجُلُوسِ فَجَلَسْتُ وَ مَا أَمْلِكُ عَقْلِي فَأَمْهَلَنِي حَتَّى سَكَنْتُ وَ قَالَ: احْمِلْ إِلَيْنَا الْحِبَرَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي مَتَاعِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ وَ لَمْ أَكُنْ وَ اللَّهِ أَعْلَمُ أَنَّ مَعِي حِبَراً وَ لَا فُقْتُ عَلَيْهِمَا فَكَرِهْتُ