قُمْ فَقُمْتُ قَائِماً وَ إِذَا بِتِلْكَ الْجُدْرَانِ الْمُشَيَّدَةِ وَ الْأَبْنِيَةِ الْمُعَلَّاةِ وَ مَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُصُورِ وَ الدُّورِ وَ قَدْ صَارَتْ كُلُّهَا أَرْضاً وَ الدُّنْيَا مِنْ حَوْلِهَا فَضَاءً فَظَنَنْتُ أَنَّ مَوْلَايَ قَدْ أَخْرَجَنِي مِنَ الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَقُلْتُ لِمَوْلَايَ أَيْنَ أَنَا مِنَ الْأَرْضِ فَقَالَ لِي فِي مَجْلِسِي فَقُلْتُ مَوْلَايَ خُذْ بِيَدِي مِنْ ظَالِمِي وَ ظَالِمِكَ فَقَالَ يَا مسبب [مُسَيَّبُ أَ تَخَافُ الْقَتْلَ قُلْتُ مَوْلَايَ أَنَا مَعَكَ فَلَا قَالَ: يَا مسبب [مُسَيَّبُ كُنْ عَلَى جَمَلَتِكَ فَإِنِّي رَاجِعٌ إِلَيْكَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَإِذَا وَلَّيْتُ عَنْكَ فَيَعُودُ مَجْلِسِي إِلَى بُنْيَانِهِ قُلْتُ مَوْلَايَ فَالْحَدِيدُ لَا تَقْطَعُهُ قَالَ: يَا مسبب [مُسَيَّبُ بِنَا وَ اللَّهِ لَانَ الْحَدِيدُ لِدَاوُدَ فَكَيْفَ يَصْعُبُ عَلَيْنَا قَالَ المسبب [الْمُسَيَّبُ: ثُمَّ خَطَا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ خُطْوَةً فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ غَابَ عَنْ بَصَرِي، ثُمَّ ارْتَفَعَ الْبُنْيَانُ وَ عَادَتِ الْقُصُورُ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ هَيْمَامِي فَعَلِمْتُ أَنَّ وَعْدَهُ الْحَقُّ فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً عَلَى قَدَمَيَّ وَ لَمْ يَمْضِ إِلَّا سَاعَةٌ كَمَا أَخْبَرَنِي حَتَّى رَأَيْتُ الْجُدْرَانَ وَ الْأَبْنِيَةَ وَ الدُّورَ وَ الْقُصُورَ قَدْ خَرَّتْ إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدَةً فَإِذَا بِسَيِّدِي قَدْ عَادَ إِلَى مَجْلِسِهِ وَ عَادَ الْحَدِيدُ إِلَى رِجْلَيْهِ فَخَرَرْتُ سَاجِداً لِوَجْهِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي ارْفَعْ رَأْسَكَ وَ اعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَكَ رَاحِلٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي ثَالِثِ هَذَا الْيَوْمِ الْمَاضِي فَقُلْتُ مَوْلَايَ فَأَيْنَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الرِّضَا قَالَ: شَاهِدٌ عِنْدَكَ غَيْرُ غَائِبٍ وَ حَاضِرٌ غَيْرُ بَعِيدٍ يَسْمَعُ وَ يَرَى قُلْتُ سَيِّدِي إِلَى أَيْنَ قَصَدْتَ قَالَ قَصَدْتُ وَ اللَّهِ كُلَّ مُسْتَجِيبٍ لِلَّهِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ شَرْقاً وَ غَرْباً حَتَّى صَحِبَنِي مِنَ الْجِنِّ فِي الْبَرَارِي وَ الْبَحْرِ وَ مُخْتَفَى الْمَلَائِكَةِ فِي مَقَامَاتِهِمْ وَ صُفُوفِهِمْ فَبَكَيْتُ قَالَ لَا تَبْكِ فَإِنَّا نُورٌ لَا يُطْفَأُ إِنْ غِبْتُ عَنْكَ فَهَذَا ابْنِي عَلِيٌّ الرِّضَا بَعْدِي هُوَ أَنَا فَقُلْتُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَنِي ثُمَّ دَعَانِي فِي ثَالِثِ لَيْلَةٍ فَقَالَ لِي يَا مسبب [مُسَيَّبُ إِنَّ سَيِّدَكَ يُصْبِحُ مِنْ لَيْلَةِ يَوْمِهِ عَلَى مَا فَرَغْتَ مِنَ الرَّحِيلِ إِلَى اللَّهِ فَإِذَا دَعَوْتُ بِشَرْبَةٍ مِنَ الْمَاءِ فَشَرِبْتُهَا فَرَأَيْتَ قَدِ انْتَفَخَ بَطْنِي وَ اصْفَرَّ لَوْنِي وَ احْمَرَّ وَ اخْضَرَّ وَ تَلَوَّنَ أَلْوَاناً فَخَبِّرِ الطَّاغِيَةَ هَارُونَ بِوَفَاتِي قَالَ الْمُسَبَّبُ فَلَمْ أَزَلْ أَرْقُبُ وَعْدَهُ حَتَّى دَعَا بِشَرْبَةٍ مِنَ الْمَاءِ فَشَرِبَهَا ثُمَّ دَعَانِي وَ قَالَ يَا مسبب [مُسَيَّبُ إِنَّ هَذَا الرِّجْسَ السِّنْدِيَّ بْنَ شَاهَكَ سَيَقُولُ إِنَّهُ يَتَوَلَّى أَمْرَ دَفْنِي وَ هَيْهَاتَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَبَداً فَإِذَا حُمِلْتُ إِلَى الْمَقَابِرِ الْمَعْرُوفَةِ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ فَالْحَدُونِي بِهَا، وَ لَا تُعَلُّوا عَلَى قَبْرِي بِنَاءً وَ تَجَنَّبُوا زِيَارَتِي وَ لَا تَأْخُذُوا