وَ تُوُفِّيَ بِالسَّمِّ فِي تَمَامِ سَنَةِ خَمْسِينَ مِنْ سِنِي الْهِجْرَةِ وَ كَانَ سَبَبُ سَمِّهِ عَلَى يَدِ زَوْجَتِهِ جَعْدَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ لِأَنَّهُ بَذَلَ لَهَا مُعَاوِيَةُ عَلَى ذَلِكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَ أَقْطَاعَ عَشْرِ ضِيَاعٍ سُوراً وَ هِيَ مِنْ سَوَادِ الْكُوفَةِ.
وَ لَمَّا حَضَرَتِ الْحَسَنَ الْوَفَاةُ قَالَ لِأَخِيهِ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام) إِنَّ جَعْدَةَ لَعَنَهَا اللَّهُ وَ لَعَنَ أَبَاهَا وَ جَدَّهَا فَإِنَّ جَدَّهَا خَالَفَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ قَعَدَ عَنْهُ بِالْكُوفَةِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ صِفِّينَ مُعَانِداً مُنْحَرِفاً مُخَالِفاً طَاعَتَهُ بَعْدَ أَنْ خَلَعَهُ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْإِمَارَةِ وَ بَايَعَ الضَّبَّ دُونَهُ وَ كَانَ لَعَنَهُ اللَّهُ لَا يَشْهَدُ لَهُ جُمُعَةً وَ لَا جَمَاعَةً وَ لَا يُشَيِّعُ جِنَازَةً لِأَحَدٍ مِنَ الشِّيعَةِ وَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ مُنْذُ سَمِعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَلَى مِنْبَرِهِ يَقُولُ وَيْحَ لِفِرَاخِ أَفْرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ رَيْحَانَتِي وَ قُرَّةِ عَيْنِي ابْنِي الْحَسَنِ مِنِ ابْنَتِكَ الَّتِي مِنْ صُلْبِكَ يَا أَشْعَثُ وَ هُوَ مَلْعٌ مُتَمَرِّدٌ وَ جَبَّارٍ يَمْلِكُ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بَحْرٍ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا اسْمُهُ قَالَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَ يُؤَمِّرُ عَلَى قَتْلِ ابْنِيَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَى الْجَيْشِ السَّائِرِ إِلَى ابْنِي بِالْكُوفَةِ فَتَكُونُ وَقْعَتُهُمْ بِكَرْبَلَاءَ غَرْبِيِّ الْفُرَاتِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُنَاخِ رِكَابِهِمْ وَ رِحَالِهِمْ وَ إِحَاطَةِ جُيُوشِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِهِمْ وَ إِغْمَادِ سُيُوفِهِمْ وَ رِمَاحِهِمْ وَ سَقْيِهِمْ فِي جُسُومِهِمْ وَ دِمَائِهِمْ وَ لُحُومِهِمْ وَ سَبْيِ أَوْلَادِي وَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ حَمْلِهِمْ نَاشِرِينَ الْأَقْتَابَ وَ قَتْلِ الشُّيُوخِ وَ الْكُهُولِ وَ الْأَطْفَالِ فَقَامَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى قَدَمَيْهِ وَ قَالَ مَا ادَّعَى رَسُولُ اللَّهِ مَا تَدَّعِيهِ مِنَ الْعِلْمِ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَيْلَكَ يَا مَنْ عُنُقُ النَّارِ لِابْنِكَ مُحَمَّدٍ ابْنُكَ مِنْ قُوَّادِهِمْ إِي وَ اللَّهِ وَ شِمْرُ بْنُ ذِي جَوْشَنَ وَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ وَ الزُّبَيْدِيُّ وَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فَأَسْرَعَ الْأَشْعَثُ وَ قَطَعَ الْكَلَامَ وَ قَالَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ أَفْهِمْنِي مَا تَقُولُ حَتَّى أُجِيبَكَ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ وَيْلَكَ يَا أَشْعَثُ أَ مَا سَمِعْتَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَبي طَالِبٍ مَا سَوِيَ كَلَامُكَ يَمُرُّ وَ وَلَّى فَقَامَ النَّاسُ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَ مَدُّوا أَعْيُنَهُمْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ