لِيَأْذَنَ لَهُمْ فِي قَتْلِهِ فَقَالَ لَهُمْ مَهْلًا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ إِنِّي أَقْدَرُ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْكُمْ وَ لَا بُدَّ أَنْ تَحِقَ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ وَ مَضَى الْأَشْعَثُ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَى بُنْيَانِ خِطَّةٍ وَ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِالْأَشْعَثِيَّةِ وَ بَنَى فِي دَارِهِ مِئْذَنَةً عَالِيَةً فَكَانَ إِذَا ارْتَفَعَتْ (أَصْوَاتُ) مُؤَذِّنِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي جَامِعِ الْكُوفَةِ صَعِدَ الْأَشْعَثُ إِلَى مِئْذَنَتِهِ فَنَادَى نَحْوَ الْمَسْجِدِ يُرِيدُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا كَذَا وَ كَذَا إِنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ وَ اجْتَازَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي خِطَّةِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ هُوَ عَلَى ذِرْوَةِ بُنْيَانِهِ فَلَمَّا نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ وَيْلَكَ يَا أَشْعَثُ حَسْبُكَ مَا وَعَدَ اللَّهُ لَكَ مِنْ عُنُقِ النَّارِ فَقَالَ أَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ مَا مَعْنَى عُنُقِ النَّارِ، فَقَالَ: إِنَّ الْأَشْعَثَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ عُنُقٌ مَمْدُودَةٌ حَتَّى تَصِلَ إِلَيْهِ وَ عَشِيرَتُهُ يَنْظُرُونَ فَتَبْلَعُهُ فَإِذَا خَرَجَتْ بِهِ عُنُقُ النَّارِ لَمْ يَجِدُوهُ فِي مَضْجَعِهِ فَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِمْ أَثْوَابَهُمْ وَ يَكْتُمُونَ أَمْرَهُمْ وَ يَقُولُونَ لَا تُقِرُّوا بِمَا رَأَيْتُمْ فَيَشْمَتَ بِكُمْ أَصْحَابُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَصْنَعُ بِهِ عُنُقُ النَّارِ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَجَّلَتْ عَلَيْهِ النَّارَ يَكُونُ فِيهَا جَثِيًّا مُعَذَّباً إِلَى أَنْ نُورِدَهُ النَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ عُجِّلَتْ لَهُ النَّارُ فِي الدُّنْيَا فَقَالَ (عليه السلام) لِأَنَّهُ كَانَ يُخَالِفُ اللَّهَ وَ يَخَافُ النَّارَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ بِالنَّارِ وَ بِالَّذِي كَانَ يَخَافُ مِنْهُ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَيْنَ يَكُونُ عُنُقُ هَذِهِ النَّارِ قَالَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَ الْأَشْعَثُ فِيهَا عَلَى كُلِّ يَوْمٍ حَتَّى تَقْذِفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَرَاهُ بِصُورَتِهِ وَ يَدْعُوهُ الْأَشْعَثُ وَ يَسْتَجِيرُ وَ يَقُولُ أَيَّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ ادْعُ رَبَّكَ لِي يُخْرِحْني مِنْ هَذِهِ النَّارِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَذَابِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ إِي وَ اللَّهِ لِبُغْضِي فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ فِي مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) فَيَقُولُ لَهُ الْمُؤْمِنُ لَا أَخْرَجَكَ اللَّهُ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَ لَا فِي الْآخِرَةِ وَ إِي وَ اللَّهِ وَ يَقْذِفُهُ عِنْدَ عَشِيرَتِهِ وَ أَهْلِهِ مِمَّنْ شَكَّ أَنَّ عُنُقَ النَّارِ أَخَذَتْهُ حَتَّى يُنَاجِيَهُمْ وَ يُنَاجُونَهُ وَ يَقُولُ لَهُمْ:
إِذَا سَأَلُوهُ بِمَا صِرْتَ مُعَذَّباً فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: شَكِّي فِي مُحَمَّدٍ وَ بُغْضِي لِعَلِيٍّ (عليهما السلام) وَ كَرَاهَتِي لِبَيْعَتِهِ وَ خِلَافِي عَلَيْهِ وَ خِلَافِي لِبَيْعَتِهِ