ظَهَرَتِ الْأَرْضُ فِي بَطْنِ الْفُرَاتِ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَاءٌ فَصَاحَ النَّاسُ:
اللَّهَ اللَّهَ رِفْقاً بِرَعِيَّتِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلَّا يَمُوتُوا عَطَشاً، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): اجْرِ عَلَى قَدَرٍ يَا فُرَاتُ فَجَرَى لَا زَائِداً وَ لَا نَاقِصاً، وَ وُجِدَ فَوْقَ الْجِسْرِ رُمَّانَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى الْجِسْرِ رُمَّانَةٌ لَمْ يُوجَدْ فِي الدُّنْيَا مِثْلُهَا فَمَدَّ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ لِيَحْمِلُوهَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ تَصِلْ أَيْدِيهِمْ إِلَيْهَا فَمَدَّ يَدَهُ الْمُبَارَكَةَ وَ أَخَذَهَا، وَ قَالَ: هَذِهِ رُمَّانَةٌ مِنْ رُمَّانِ الْجَنَّةِ لَا يَمَسُّهَا وَ لَا يَأْكُلُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ وَ لَوْ لَا ذَلِكَ لَقَسَمْتُهَا عَلَيْكُمْ فِي بَيْتِ مَالِكُمْ، وَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَانَتْ فِتْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَإٍ وَ أَصْحَابِهِ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَ قَالُوا مَا قَالُوهُ، وَ أَحْرَقَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) بِالنَّارِ بَعْدَ أَنِ اسْتَتَابَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَبَوْا وَ لَمْ يَرْجِعُوا فَأَحْرَقَهُمْ فِي صَحْرَاءِ الْأُخْدُودِ.
و كان هذا من دلائله (عليه السلام).
وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ حَيَّانَ بْنِ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ عَنْ مُرَادٍ يُقَالُ لَهُ رَبَابُ بْنُ رِيَاحٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِماً عَلَى رَأْسِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَمَلِ إِذْ أَتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ لَهُ:
عَرَفْتُ حَاجَتَكَ قَبْلَ أَنْ تَذْكُرَهَا لِي، جِئْتَ تَطْلُبُ مِنِّي الْأَمَانَ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُحِبُّ أَنْ تُؤْمِنَهُ، قَالَ: اذْهَبْ فَجِئْنِي بِهِ يُبَايِعْنِي وَ لَا يَجِيئُنِي إِلَّا رَدِيفاً قَالَ: فَمَا لَبِثَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى أَقْبَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَ خَلْفَهُ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ رَدِيفاً، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): هَلْ أُبَايِعُكَ قَالَ مَرْوَانُ عَلَى أَنَّ فِي النَّفْسِ مَا فِيهَا، قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: إِنِّي لَسْتُ أُبَايِعُكَ عَلَى مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّمَا أُبَايِعُكَ عَلَى مَا ظَهَرَ لِي، قَالَ: فَمَدَّ يَدَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا بَايَعَهُ، قَالَ: هِيهِ يَا ابْنَ الْحَكَمِ قَدْ كُنْتَ تَخَافُ أَنْ تَرَى رَأْسَكَ يُقْطَعُ فِي هَذِهِ الْمَعْمَعَةِ كَلَّا بِاللَّهِ لَا يَكُونُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ صُلْبِكَ طَوَاغِيتُ يَمْلِكُونَ هَذِهِ الرَّعِيَّةَ يَسُومُونَهُمْ خَوْفاً وَ ظُلْماً وَ جَوْراً وَ يَسْقُونَهُمْ كُؤُوساً مُرَّةً. قَالَ مَرْوَانُ كَانَ مِنِّي مَا أَخْبَرَنِي عَلِيٌّ ثُمَّ هَرَبَ فَلَحِقَ بِمُعَاوِيَةَ وَ كَانَ كَمَا قَالَ