ذِرَاعَهُ وَ مَدَّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ كَلَاماً مِنَ الْإِنْجِيلِ: طاب طاب الماء، و العلم طيبوثا؛ و اليوح أسمينا، وَ الحايوثا، و اذا يكونا، ثُمَّ أَهْوَى بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ الْيُمْنَى إِلَى الصَّخْرَةِ وَ اقْتَلَعَهَا كَالْكُرَةِ إِذَا انْضَرَبَتْ مِنَ اللَّعْبِ فَكَبَّرَ النَّاسُ وَ ظَهَرَ الْمَاءُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ أَبْيَضُ زُلَالٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فِي مَاءِ الدُّنْيَا فَشَرِبْنَا وَ رَوِينَا وَ تَزَوَّدْنَا وَ الرَّاهِبُ مُشْرِفٌ فِي رَأْسِ الْقَائِمَةِ، فَلَمَّا اسْتَقَيْنَا أَخَذَ الصَّخْرَةَ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ فَرَدَّهَا عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ فَكَأَنَّمَا لَمْ تَزَلْ وَ رَدَدْنَا كُلَّمَا بَحَثْنَاهُ مِنَ الرَّمْلِ وَ سِرْنَا فَلَمْ نَبْعُدْ، حَتَّى قَالَ لَنَا: لِيَرْجِعْ بَعْضُكُمْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ لِمَوْضِعِ الصَّخْرَةِ أَثَرٌ؟
فَرَجَعُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ أَنَّهُمْ مَا رَأَوْا لَهَا أَثَراً، وَ كَانَ وَجْهُ الْقَاعِ عَلَيْهِ سَحِيقُ الرَّمْلِ.
قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ الرَّاهِبُ إِلَى فِعْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، قَالَ:
هَذَا وَ اللَّهِ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَوَجَدْنَاهُ فِي الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ وَ نَزَلَ مِنَ الْقَائِمَةِ، وَ لَحِقَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالَ: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ جَدِّي، وَ كَانَ مِنْ حَوَارِيِّ سَيِّدِنَا الْمَسِيحِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، وَ الْمَسِيحُ أَخْبَرَهُ بِقُرْبِ هَذَا الْقَائِمِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وَ بِهَذِهِ الْعَيْنِ الْمَاءُ الْأَبْيَضُ مِنَ الثَّلْجِ وَ أَعْذَبُ مِنْ كُلِّ مَاءٍ عَذْبٍ وَ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِهَا بُنِي ذَلِكَ الدَّيْرُ وَ الْقَائِمُ، وَ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُهَا إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيٍّ وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ الْمُؤَدِّي عَنْهُ وَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَ قَدْ رَأَيْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي أَصْحَبُكَ فِي سَفَرِكَ هَذَا يُصِيبُنِي مَا أَصَابَكَ مِنْ خَيْرٍ وَ شَرٍّ فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام): جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً، وَ دَعَا لَهُ بِالْخَيْرِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَاهِبُ الْزَمْنِي وَ كُنْ قَرِيباً فَإِنَّكَ تُسْتَشْهَدُ مَعِي بِصِفِّينَ وَ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ بِصِفِّينَ وَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ قُتِلَ الرَّاهِبُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: ادْفِنُوا قَتْلَاكُمْ، وَ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَطْلُبُ الرَّاهِبَ فَوَجَدْنَاهُ فَأَخَذَهُ وَ صَلَّى عَلَيْهِ وَ دَفَنَهُ فِي لَحْدِهِ. ثُمَّ قَالَ