فأيها الذام للدنيا المغتر بغرورها متى استذمت إليك [9] بل متى غرتك بنفسها، (أ) بمصارع آبائك من البلى ؟ ! أم بمضاجع أمهاتك من الثرى ؟ [10]، كم مرضت بيديك، وعللت بكفيك ؟ [11] تستوصف لهم الدواء، وتطلب لهم الاطباء، لم تدرك فيه طلبتك، ولم تسعف فيه بحاجتك [12] بل مثلت الدنيا به نفسك وبحاله حالك [13] غداة لا ينفعك أحباؤك، ولا يغني عنك نداؤك يشتد من الموت أعالين المرضى، وأليم لوعات المضض،
[10] المصارع جمع المصرع، وهو مكان الطرح والسقوط.و " البلى " بكسر الباء مقصورا: الخلق الرث البالي.وقيل: هو الفناء بالتحليل.والمضاجع جمع المضجع وهو موضع الاضطجاع أي وضع الجنب على الارض.و " الثرى ": الندى أي البلل والرطوبة.والتراب الندي.وكأن الكلام على القلب، أي أغرتك الدنيا بالبالي والخلق من مصارع آبائك ومحل سقوطهم - وهو جنبهم - أم غرتك بالتراب الندي والعظام البالية من ضلوع أمهاتك وجنوبهن.
[11] مرض الريض: خدمه في مرضه.وعلله: خدمه في علته.و " تستوصف لهم الدواء " أي تطلب وصف دوائهم وما به عود صحتهم.
[12] الطلبة - على زنة الكلمة -: ما يطلب.ويقال: سعفه بحاجته وأسعفه بها - من باب ضرب وأفعل -: قضاها له.والضمير في قوله: " فيه " في الموضعين راجع إلى المصدر المدلول عليه بالافعال المتقدمة.
[13] الضمير في " به " و " بحاله " راجع إلى ما تضمنه الكلام أي إن الدنيا جعلت الهلاك قبلك - أو الجنوب البالية من آبائك والظلوع الرميمة من أمهاتك - مثالا لنفسك تقيسها عليه، وصورت لك حالك بما رأيت مما جرى عليهم من صور أحوالهم.