نام کتاب : التّوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 50
الذي عجزت الملائكة
على قربهم من كرسي كرامته ، وطول ولههم إليه وتعظيم جلال عزه ، وقربهم من غيب
ملكوته أن يعلموا من أمره إلا ما أعلمهم ، وهم من ملكوت القدس بحيث هم من معرفته على
ما فطرهم عليه أن قالوا : ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
الحكيم ) [١].
فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا ،
سبحانه وبحمده ، لم يحدث فيمكن فيه التغير والانتقال ، ولم يتصرف في ذاته بكرور
الأحوال [٢]
ولم يختلف عليه حقب الليالي والأيام [٣]
الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله ولا مقدار احتذى عليه من معبود كان قبله [٤] ولم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه
بالحدود متناهيا ، وما زال ـ ليس كمثله شيء ـ عن صفة المخلوقين متعاليا [٥] وانحسرت الأبصار عن أن تناله فيكون
بالعيان موصوفا [٦]
وبالذات التي لا يعلمها إلا هو عند خلقه معروفا ، وفات لعلوه على أعلى الأشياء
مواقع رجم المتوهمين [٧]
وارتفع عن أن تحوي كنه عظمته فهاهة [٨]
رويات المتفكرين ، فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبها
[١] قوله : ( إن
قالوا ) بتقدير المضاف خبر لضمير الجمع بعد حيث ، وتقدير الكلام : وهم من ملكوت
القدس بحيث أنهم من جهة معرفتهم به على ما فطرهم عليه من الروحانية المحضة في
منزلة أن قالوا ـ الخ ، وهي منزلة إظهار العجز والجهل بحضرة الربوبية.
[٢] أي لم يقع
التغير والتحول في ذاته تعالى بسبب تكرر الأحوال المختلفة الحادثة في الأشياء.
[٣] أي ولم يتردد
عليه الزمان الذي يتجزأ بالليالي والأيام ، والحقب كالقفل بمعنى الدهر والزمان
ويأتي بمعان أخر ، ومر نظير هذا الكلام في صدر الخطبة.
[٤] أي لم يمتثل في
صنعه على مثال ولم يحتذ على مقدار مأخوذين مستفادين من معبود كان قبله تعالى.