نام کتاب : التّوحيد نویسنده : الشيخ الصدوق جلد : 1 صفحه : 384
الأرض ، عرضه ما بين
المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيات والحيتان ، يعلو مرة ويسفل
أخرى ، في قعره شمس تضيئ ، لا ينبغي أن يطلع إليها إلا الله الواحد الفرد ، فمن
تطلع إليها فقد ضاد الله عزوجل في حكمه ونازعه في سلطانه ، وكشف عن ستره وسره ،
وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
قال المصنف هذا الكتاب نقول : إن الله
تبارك وتعالى قد قضى جميع أعمال العباد وقدرها وجميع ما يكون في العالم من خير وشر
، والقضاء قد يكون بمعنى الأعلام كما قال الله عزوجل : (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب )[١]
يريد أعلمناهم ، وكما قال الله عزوجل : (وقضينا
إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين )[٢]
يريد أخبرناه وأعلمناه ، فلا ينكر أن يكون الله عزوجل يقضي أعمال العباد وسائر ما
يكون من خير وشر على هذا المعنى لأن الله عزوجل عالم بها أجمع. ويصح أن يعلمها
عباده ويخبرهم عنها ، وقد يكون القدر أيضا في معنى الكتاب والإخبار كما قال الله
عزوجل : (إلا امرأته قدرنا إنها
لمن الغابرين)[٣]
يعني كتبنا وأخبرنا ، وقال العجاج :
واعلم بأن ذا الجلال قد قدر
في الصحف الأولى التي كان سطر
و ( قدر ) معناه كتب.
وقد يكون القضاء بمعنى الحكم والالزام ،
قال الله عزوجل (وقضى ربك
ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )[٤] يريد حكم
بذلك وألزمه خلقه ، فقد يجوز أن يقال : إن الله عزوجل قد قضى من أعمال العباد على
هذا المعنى ما قد ألزمه عباده وحكم به عليهم وهي الفرائض دون غيرها ، وقد يجوز
أيضا أن يقدر الله أعمال العباد بأن يبين مقاديرها وأحوالها من حسن وقبح وفرض ونافلة
وغير ذلك ، ويفعل من الأدلة على ذلك ما يعرف به هذه الأحوال لهذه الأفعال فيكون عزوجل
مقدرا لها في الحقيقة ، وليس يقدرها ليعرف مقدارها ،