نام کتاب : الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد نویسنده : الشيخ الطوسي جلد : 1 صفحه : 29
الأفعال التي أشرنا إليها الزائدة على أحكام كل محكم أولى و أحرى، فثبت بذلك أن صانع العالم عالم.
و لا يجوز أن يكون بصفة الظانين و لا المعتقدين، [لان الصنائع المحكمة تحتاج الى من له صفة العالمين دون الظانين المعتقدين] [1]، لأنها تحتاج إلى أمر يلزم كمال العقل و لا يخرج عنه من ثبوت عقله، و الظن و الاعتقاد الذي ليس بعلم لا يوجب لزومه لكمال العقل. فوجب من ذلك أن يكون صانع العالم عالما دون أن يكون ظانا أو معتقدا.
و يجب أيضا أن يكون مدركا للمدركات سميعا بصيرا، لان الحي الذي لا آفة به متى وجدت المدركات و ارتفعت الموانع و اللبس وجب أن يكون مدركا لها. ألا ترى أن من كانت حواسه صحيحة و وجدت المرئيات و ارتفعت الموانع و اللبس وجب أن يكون رائيا لها، و كذلك إذا وجدت الأصوات و سمعه صحيح وجب أن يدركها و يفصل بين حاله و هو مدرك لها و بين أن لا يدركها.
و هذا الفرق لا يستند الى كونه حيا، لأنه كان حيا قبل ذلك و لم يجد نفسه كذلك و لا الى كونه عالما لأنه يكون عالما بها قبل إدراكها [2] و لا يجد نفسه على هذه الحال. ألا ترى أن الإنسان يعلم الصوت بعد تقضيه و يعلمه أيضا قبل وجوده و لا يجد نفسه على ما يجد عليه إذا أدركه، و كذلك المتألم يدرك الالام و ان لم يعلمها. فثبت بذلك أن الإدراك غير العلم و الحياة.
و إذا كان القديم تعالى حيا و الآفات و الموانع لا تجوز عليه لأنه ليس يرى بحاسة و وجدت المدركات وجب أن يكون مدركا لها.
و ليس لواحد أن يقول: ان الواحد منا يدرك بمعنى هو ادراك، و المعنى و لا يجوز عليه تعالى، و ذلك أن الإدراك ليس بمعنى، و انما الواحد منا يدرك