يقابل بالاحترام من قبل أولئك،
لإجماع الكل على صدق لهجته، و إخلاصه للّه و لشريعة نبيه في كل تصرفاته، و قد بقيت
صلى به سنين بعد أن اجازني فكان ترددي اليه مستمرا، و استفادتي من مجالسه و
توجيهاته متواصلة».
و
قد عرف بصلاحه و ورعه عند مختلف طبقات الناس، فأقبلوا عليه و رجع البعض اليه على
كره منه، فقد كان يخشى المرجعية و يتهرب منها و يتواضع بالإعراب عن عدم أهليته
لها، و قد ألزمه البعض في الإمامة فكان يقيم الجماعة في (حسينية التسترية) فيأتم
به جمع من الصلحاء و الأخيار و كان يصل أهل العلم و بعض الأسر العلوية و الأباة من
الناس سرا في جوف الليل بنفسه دون وسيط، فكانت الحقوق الشرعية لا تبقى تحت يده بل
يعجل في إيصالها الى أهلها و مستحقيها، و ربما حمل الأطعمة الى دور البعض على ظهره
أو رأسه كالحمالين في جوف الليل، و كان يأنس بذلك و لا يرى فيه من بأس، و اتفق أن
قبض عليه الحراس ذات ليله و هو يحمل على ظهره في عباءته البر و الرز لإيصالهما إلى
دار بعض أهل العلم. فشاع خبر ذلك فى غدها.
هكذا
كان يعيش أولئك المشايخ، و بتلك السيرة كان يتصف زعماء الدين، و على نهج أهل
البيت- عليهم السلام- كانوا يصلون المستحق في جوف الليل، حفظا لكرامته، و صيانة
لماء وجهه، من ذل السؤال طمعا في مرضاة اللّه، و رغبة في قبوله و ثوابه، فرحمهم
اللّه، و أجزل لديه أجرهم، و رفع في الخلد درجتهم، و حشرهم مع أهل بيت نبيه
الطاهرين.
(أقول):
هناك كثير من الأعلام الذين ذكروا جدنا- قدس اللّه سره- أمثال الشيخ المامقاني في
رجاله الكبير (تنقيح المقال) المطبوع في النجف الأشرف، و الشيخ محمد طاها نجف في
كتابه (إتقان المقال)