اختلاف الحديث ومسائله[6].

وامتدّ الحال في أتباع أهل البيت * على هذا النسق حتّى مرّوا بظروف جديدة زمن غيبة الإمام المهدي #، فشعر أعلام المذهب بحاجتهم الماسة إلى تبلور تلك الأطر والقواعد التي رسمها لهم الأئمّة * في استنباط الأحكام الشرعيّة، فأخذوا بتوبيب هذا الفنّ وتنقيح أبحاثه وبلورة قواعده، فألّفوا كتباً في الأصول على مدى العصور، فتكثّرت أبوابه وتشعّبت أبحاثه حتّى أنتجت تلك الجهود موروث أصولي ضخم لدى أتباع مدرسة أهل البيت *.

ومن هذا المنطلق يتّضح لنا أهميّة علم الأصول في استنباط الأحكام الشرعية التي هي الهدف الأسمى لهذا العلم، فعلى طالب العلوم الدينيّة بذل غاية الجهد والاهتمام في فهم أبحاثه واستيعاب مسائله.

وكان من الضروري أن يتمّ تبسيط هذا العلم للمبتدئين وتبويبه بما يتلاءم مع مراحلهم الدراسيّة، ولذلك عمد بعض الأعلام على بيان علم الأصول بعرض جديد ومبسّط يعتمد على بيان أُسسه وإرساء قواعده بإسلوب علمي رصين يتحاشى غموض بعض الأبحاث وتعقيد بعض المتون في الموروث الأصولي.

وكان ممّن اتقن هذا الفنّ وأبدع في تبسيط هذا العلم العلامة الشيخ محمّد

[6] يونس بن عبد الرحمان، مولى آل يقطين، له كتب كثيرة أكثر من ثلاثين كتاباً، وقيل: إنّها مثل كتب الحسين بن سعيد وزيادة، وله كتاب جامع الآثار، وكتاب الشرايع، وكتاب العلل، وكتاب اختلاف الحديث. راجع الفهرست للشيخ الطوسي 1: 266، باب يونس.