لاشكّ
أنّ دلالة الألفاظ على معانيها في أيّة لغة كانت ليست ذاتية،
كذاتية دلالة الدخان ـ مثلاً ـ على وجود النار، وإن توهّم ذلك بعضهم(2)؛
لأنّ
ـ
1)
يتضمّن الكلام حول حقيقة الوضع مقامين:
المقام
الأوّل: دلالة الألفاظ على معانيها.
المقام
الثاني: تعريف الوضع.
وتناول المصنّف ; المقام الأوّل
هنا، وأخّر تعريف الوضع إلى المبحث اللاحق، وكان الأنسب ذكره هنا.
2)
الكلام في المقام الأوّل، وهو كيفيّة دلالة الألفاظ على معانيها؟ وقد ذكر المصنّف
; في المقام قولين:
القول
الأوّل: وهو المنسوب إلى عبّاد بن سليمان الصَيمُري
المعتزلي بأنّ دلالة اللفظ على المعنى دلالة ذاتية، أي: عقليّة محضة، من قبيل
دلالة الأثر على المؤثّر، فيدلّ اللفظ بنفسه وبدون وضع واضع على معناه[63]، بحيث يكون اللفظ علّة تامّة
لانتقال الذهن إلى المعنى[64]، كما في انتقال الذهن من رؤية
[63] الفصول
الغرويّة: 23، قوله: حُكي عن سليمان بن عبّاد..
[64] شروح التلخيص 4:
16، قوله: فإذا تصوّر العقل ذات اللفظ تصوّر معه...