الأمرين به(1)، غير أنّ الأمر المطلق ـ أعني غير
المعلّق ـ يُحمل إطلاقه على المقيّد ـ أعني المعلّق ـ فيكون الثاني مقيِّداً
لإطلاق الأوّل وكاشفاً عن المراد منه.
الرابعة: أن يكون أحد الأمرين معلّقاً على شيء والآخر معلّقاً
على شيء آخر، كأن يقول مثلاً: إن كنت جنباً فاغتسل، ويقول: إن مسست ميتاً فاغتسل،
ففي هذه الحالة يُحمل ظاهراً(2) على التأسيس؛ لأنّ الظاهر أنّ المطلوب
في كلّ منهما غير المطلوب في الآخر(3)، ويبعد جدّاً حمله على أن
ـ
1) لأنّ المقام من موارد الإطلاق
والتقييد، والأصل عند العقلاء في مثل هذه الموارد هو الجمع بين هذين الدليلين بحمل
المطلق على المقيّد، وعند إجراء هذا الأصل هنا فسينتج اعتبار هذين الدليلين بمنزلة
دليلٍ واحد يقتضي امتثالاً واحداً، ومعنى ذلك هو حمل الأمر الثاني على التأكيد.
2) الصحيح أن يُقال بحمل الأمر
الثاني على التأسيس بضرس قاطع؛ لأنّ المتبادر من صيغة الأمر هو التأسيس، وأنّ
حملها على التأكيد يكون على خلاف القاعدة، وإنّما نتمسّك به لوجود القرينة المانع
من الحمل على التأسيس، فإن انتفت القرينة تحتّم الحمل على ما هو المتبادر من صيغة
الأمر وهو التأسيس.
3) اتّفق العلماء بلزوم حمل الأمر الثاني في
المقام على التأسيس؛ لأنّ المتبادر أن يكون مطلوب كلّ من الأمرين مخالفاً للآخر،
ومع اختلاف مطلوب المولى سيتحتّم على المكلّف إيجاد امتثال مستقلّ لكلّ منهما.
نعم بعد حمل كلّ منهما على
التأسيس سيأتي الكلام في أنّ القاعدة في أمثال هذه الموارد هل تقتضي تداخل الأسباب،
فيكون كلا الطلبين بمنزلة طلب واحد أو لا، وتمام الكلام في محلّه إن شاء الله.