الوجوب ينحل إلى الجواز والمنع من الترك(1)، ولا شأن
في النسخ إلّا رفع المنع من الترك فقط، ولا تعرّض له لجنسه وهو الجواز(2)،
أي: الإذن في الفعل.
2ـ أنّه
يدلّ على رفع الوجوب من أصله، فلا يبقى لدليل الوجوب شيء
ـ
1) اختار هذا القول مشهور
العلماء المتقدمين على زمان الشيخ الأعظم الأنصاري ;، فاعتبروا الوجوب أمراً
مركّباً من جزأين، الجزء الأوّل: جواز الفعل، والجزء الثاني: المنع من الترك.
2) وبيان
ذلك: أنّ القدماء اعتبروا بأنّ الجواز ـ الذي حقيقته الإذن بإتيان الفعل ـ
هو جنس لأربعة فصول:
الأوّل:
أن يجتمع الجواز «وهو الإذن بإتيان الفعل» مع المنع من ترك الفعل، واصطلحوا عليه
بـ«الوجوب».
الثاني:
أن يجتمع الجواز «وهو الإذن بإتيان الفعل» مع رجحان الفعل، واصطلحوا عليه
بـ«الاستحباب».
الثالث:
أن يجتمع الجواز «وهو الإذن بإتيان الفعل» مع جواز ترك الفعل، واصطلحوا عليه
بـ«الإباحة بالمعنى الأخصّ».
الرابع:
أن يجتمع الجواز «وهو الإذن بإتيان الفعل» مع رجحان ترك الفعل، واصطلحوا عليه
بـ«الكراهة».
وبناء على ما ذكرنا فإن دلّ الدليل
القطعي في المقام على نسخ الوجوب فهو يدلّ على نسخ المنع من الترك ـ الذي هو فصل
القسم الأوّل ـ ويبقى جواز الفعل ـ الذي هو جنس هذه الفصول ـ على حاله؛ لأنّ زوال
الوصف لا يدلّ على زوال الجنس كما هو واضح.