والظاهر
أنّه ليس كلّ طلب يُسمّى أمراً، بل بشرط مخصوص سيأتي ذكره في المسألة الثانية(1)،
فتفسير الأمر بالطلب من باب تعريف الشيء بالأعمّ(2).
القسم الثاني: الطلب الإنشائي، وهو
إظهار الإرادة والرغبة وإنشاؤهما باللفظ أو غيره، سواء كان الآمر بالطلب الإنشائي
قاصداً للطلب الحقيقي أيضاً أو لم يقصده، فلو قال المولى: أكرم العلماء، فقد أوجد
الطلب الإنشائي باللفظ، سواء قصد الطلب الحقيقي أيضاً بأن كان صفة قائمة في نفسه،
فيتحقّق الطلب الحقيقي والطلب الإنشائي معاً، أم لم يقصده بأن كان من قبيل الأوامر
الامتحانية، حيث لم تحدث صفة ورغبة في نفس الآمر لتحقّق المأمور به، إلَّا أنّه
أراد امتحان عبده ليعلم أنّه يُطيعه أو يعصيه، فيتحقّق خصوص الطلب الإنشائي.
وعليه
فتكون النسبة بين الطلبين في الواقع الخارجي هي العموم والخصوص من وجه، فقد
يجتمعان في الوجود، وقد يُوجد الطلب الإنشائي ولا يُوجد الطلب الحقيقي، وقد يُوجد
الطلب الحقيقي ولا يُوجد الطلب
الإنشائي[243].
1) وهو
أن يكون الطلب من العالي إلى الداني، أمّا طلب المساوي في الرتبة وطلب الداني من
العالي فلا يُسمّى أمراً أصلاً.
2) إذ
أنّ معنى الطلب كما يصدق على الطلب من العالي كذلك يصدق على الطلبمن
المساوي والطلب من الداني؛ لأنّه طلب حقيقة، ولكن معنى الأمر ـ
كما سيأتي ـ يختصّ بالطلب من العالي فقط.
[243] حواشي المشكيني 1: 332، قوله: وبالجملة الذي يتكفّله الدليل ليس إلّا
الانفكاك...