القسم
الأوّل: المسائل الأصوليّة الواقعة في طريق الاستنباط،
بمعنى كون هذه المسائل وسائط نتوصّل بسببها إلى لحكم الشرعي من الكتاب والسنّة
والإجماع والعقل، فهي مجرّد وسائل موصِلة إلى الحكم الشرعي من أدلّته التفصيليّة،
وغالبيّة مسائل علم الأصول من هذا القبيل، مثل مسألة معرفة الوجوب من صيغة الأمر،
فإنّ هذه القاعدة الأصوليّة لا تنتج حكماً شرعيّاً، بل تكون واسطة في استنباط
الحكم الشرعي كما سيتّضح قريباً.
القسم الثاني: المسألة
الأصوليّة التي تكون بنفسها دليلاً على الحكم الشرعي من قبيل التطبيق العامّ على
أحد المصاديق، كمسألة الأصل العملي الشرعي في الشبهات الحكمية، فهذه القاعدة
الأصوليّة هي بذاتها دليل شرعي، وليس هناك دليل آخر لتكون هذه القاعدة واسطة في
استخراج الحكم الشرعي منه، فمثلاً لو شككنا في جواز التلقيح الاصطناعي أو عدمه ـ
فبعد فرض عدم الوقوف على الدليل من الكتاب والسنّة بخصوص هذا الأمر ـ نستعين
بالأصول العمليّة، فنجري أصالة البراءة الشرعية في هذا المورد، أعني: «كلّ شيء لك
حلال حتّى تعلم أنّه حرام»، إلّا أنّ هذه القاعدة بنفسها تُفيد الحكم الشرعي، أي:
«الحليّة الظاهرية»، فيكون التلقيح الاصطناعي أحد مصاديق هذه القاعدة، أو قل: هذه
الرواية، لا أنّ قاعدة الأصل العملي الشرعي هنا تكون واسطة في استنباط الحكم
الشرعي من أدلّة أخرى.