أنّ هذه الرواية وردت في
التحکيم، ولا معنى للتخيير في هذا الباب کما أفاده صاحب «الکفاية» قدّس سرّه[1]؛ لبقاء التخاصم
والتنازع مع التخيير، وأمّا في باب الإفتاء فلا مانع من التخيير، وحجّيّة قول
المجتهدين (الأعلم وغير الأعلم) تخييرًا ولا محذور فيه، فيمکن أن يکون تعيين
الأفقه في ذلک الباب لهذه الجهة التي [هي] مفقودةٌ في باب الإفتاء.
والإنصاف أنّ هذا الإشکال لا مدفع عنه أصلًا، فإذن
لا يمکن التمسّک بالمقبولة وأختيها لوجوب تعيين الأعلم.
التمسّک
بعهد مالک الأشتر
الثاني: قوله ـ عليه السلام ـ في «نهج البلاغة» في عهد
مالک الأشتر:
إشکال المرحوم النائينيّ على الاستدلال بعهد مالک
الأشتر
وفيه، أوّلًا: إنّ المراد من الحکم في هذه
الفقرة هو الحکم في مقام الترافع، لا مجرّد الإفتاء.
وثانيًا: إنّ المراد من الأفضليّة:
ليس هو الأعلميّة، بل المراد منها: الأفضليّة في الأخلاق الحميدة والملَکات
الفاضلة التي يحتاج إليها القاضي في مقام الترافع؛ کما يشهد بذلک تفسيره ـ عليه
السلام ـ بقوله: «مِمَّنْ لَا تَضِيقُ بِهِ الْأُمُورُ، وَلَا تُمَحِّکُهُ
الْخُصُومُ، وَلَا يَتَمَادَى فِي الزَّلَّةِ، وَلَا يَحْصَرُ مِنَ الْفَيْءِ
إِلَى الْحَقِّ إِذَا عَرَفَهُ»[3] إلى آخر کلامه عليه السلام.
هذا، ولکن يُمکن أن يُقال: إنّ المراد من
الأفضليّة هو الأفضليّة من جميع الجهات؛ ومنها الأفضليّة في العلم والفقاهة،
وتفسيره ـ عليه السلام ـ بالأفضليّة بالصفات، لا يوجب حصر دائرة الأفضليّة فيها،
بل لعلّه لبيان تعميم الأفضليّة بهذه الملَکات أيضًا، ولعلّ عدم ذکره الأعلميّة
والأفقهيّة لمکان معلوميّته؛ فتأمّل.
التمسّک
بکون فتوى الأعلم هي الأقرب إلى الواقع
الثالث: إنّ فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع، فيتعيّن الأخذ
بها.