اعلم
أنّ العامّي الذي يرى جواز التقليد اجتهادًا أو تقليدًا؛ فإمّا يتمکّن من الاحتياط
وإمّا لا يتمکّن، وعلى فرض التمکّن ـ أيضًا ـ فتارةً يرى جوازه وأخرى عدم وجوبه
أو عدم جوازه؛ للقطع بأنّ سيرة الشارع ليست على الإتيان بمتعلّقات التکاليف على
وجه الاحتياط. فإن کان متمکنًّا من الاحتياط، لکن شکّ في جوازه فحينئذٍ يرجع ـ بحکم
الجبلّة والفطرة ـ إلى العالِم ويسأله عن وظيفته، ولا معنى لتردّده حينئذٍ بين
رجوعه إلى الأعلم أو إلى غيره، بل في بدء الأمر إمّا يرى وجوب الرجوع إلى الأعلم
فيرجع إليه بحکم الفطرة، وإمّا يرى التساوي بينه وبين غيره فيرجع إلى أيِّهما شاء.
وإن
لم يتمکّن من الاحتياط، أو قطعَ بعدم وجوبه أو عدم جوازه، فتنحصر حينئذٍ وظيفته
بالتقليد؛ بحکم العقل من باب الانسداد. فإن رأى أنّ الشارع جعل قول العالم حجّةً
في هذا المقام، فحينئذٍ يتردّد في أنّ المجعول الشرعيّ: هل هو حجّيّة خصوص قول الأعلم، أم حجّيّة قوله وحجّيّة قول غيره
على سبيل التخيير؟ فإذن لا بدّ من الأخذ بقول الأعلم؛ لدوران أمره بين
التعيين والتخيير في باب الحجّيّة، المساوق للشکّ في حجّيّة قول غير الأعلم،
المساوق للقطع بعدم حجّيّة قوله، والمفروض أنّه قاطع بحجّيّة قول الأعلم.