حجّيّة قول المفتي بالنسبة إلى الأعمال السابقة. وعلى فرض الشکّ في شمول الأدلّة‌ بالنسبة إلى حجّيّة فتواه بالإضافة إلى الأعمال السابقة‌، فأصالة البراءة محکّمة، فلا ‌يجب على العامّي القضاء والإعادة ـ کما ذهب إليها شيخنا الأُستاذ قدّس سرّه ـ أو استصحابُ حجّيّة فتوى المجتهد الأوّل بالإضافة إلى الأعمال السابقة إلى زمان المجتهد الثاني؛ کما ذهب إليه المحقّق العراقيّ.

ردّ المرحوم الحلّي على الاستدلال بالاستصحاب و البراءة في المسألة المذکورة

ولا ‌يخفى عليک أنّه لو وصلت النوبة إلى الشکّ، فلا ‌تصل النوبة إلى البراءة أو الاستصحاب؛ لأنّ نفس الشکّ في الحجّيّة مساوقٌ للقطع بعدمها، ومع القطع بعدم حجّيّة فتوى المجتهد الثاني، نقطع بحجّيّة فتوى المجتهد الأوّل في هذا الزمان.

وبعبارة أُخرى: إنّا وإن نشکّ في بادي الأمر في حجّيّة فتوى المجتهد الثاني کما نشکّ في حجّيّة فتوى المجتهد الأوّل، ومقتضى الأصل: هو استصحاب حجّيّة فتوى المجتهد الأوّل، واستصحاب عدم حجّيّة فتوى المجتهد الثاني؛ إلّا أنّا قد فرّقنا في محلّه بين جريان استصحاب الحجّيّة فالتزمنا بجريانه بلا إشکال، وبين جريان استصحاب عدم الحجّيّة فالتزمنا بعدم جريانه؛ لأنّ الشکّ في الحجّيّة إذا کان مسبوقًا بعدم الحجّيّة مساوقٌ للقطع بعدمها، فعلى هذا لا مجال لاستصحاب عدم حجّيّة فتوى المجتهد الثاني؛ للقطع بعدم حجّيتها بمجرد الشکّ. فإذن هذا القطع ملازمٌ للقطع بحجّيّة فتوى المجتهد الأوّل، فلا مجال للاستصحاب فيها أيضًا.

اختصاص أدلّة إثبات حجّية الفتوى السابقة بالمجتهدين

اللهمّ إلّا أنْ يُقال: إنّ هذه الاستدلالات کلّها تنفع المجتهد دون العامّي؛ لأنّ وظيفة العامّي هي الرجوع إلى المجتهد الثاني، فإن أفتى هو ببطلان عباداته ومعاملاته السابقة، فلا بدّ وأن يقضيها، وإن أفتى بصحّتها، فلا ‌يجب عليه شيء. نعم هذه الأبحاث ينفع المجتهد، فلا بدّ أن يلاحظ هو: أنّ وظيفة العامّي الراجع إليه بعد موت مجتهده الأوّل أيُّ شيءٍ هي؟ فإذا وصلت النوبة إلى الشکّ في حجّيّة فتواه