حجرٌ على حجر؛ إذ لا يمکن اطّلاع العامّي على هذه
الأُمور الدِّقّيّة، فيلزم بطلان الأحکام لعدم قدرته على إدراک هذه الملازمات
العقليّة، فإذن يبقي حائرًا.
ولکن يمکن أن يُجاب مِن قِبل صاحب «الکفاية» قدّس
سرّه: بأنّ المجتهد المُدرِک لهذه الملازمات يقطع بالحکم، فلذا يُفتي بالحکم
قاطعًا، فإذن يجوز له أن يُخبر العامّي بأنّ الحکم الواقعي يکون کذا، ولا يکون
القطع أنزل درجة من الأمارات؛ حيث ذکرنا أنّ من آثار حجّيّة الأمارة هو جواز
الإخبار عن مؤدّيها فکيف بالقطع.
الجواب على إشکال انحصار أدلّة
الأحکام في الکتاب و السنّة
وأمّا الجواب عن الإشکال المتوجِّه إلينا، هو أنّ
المجتهد الحاکم بالحکم الواقعي لأجل هذه الملازمات إنّما يحکم به بعد ثبوت
الملزومات، ضرورة أنّه إذا لم تجب الصلاة لا يقدر أن يحکم بوجوب مقدّمتها؛ ومن
المعلوم أنّ جميع الملزومات تثبت بالکتاب والسنّة؛ فيصح أن يُقال: إنّ مدرک هذه
الملازمات أيضًا هو الکتاب والسنّة. فالعقل لا يستقلّ باستنباط حکم من الأحکام، بل
يکشف الحکم الواقعي بمعونة الکتاب والسنّة، فالدليل هو الکتاب والسنّة لا محالة.
وبهذا
ظهر لک عدم کون حکم المُفتي بهذه اللوازم قطعيًّا، بل حکمه تابعٌ في اللوازم للحکم
الثابت في الملزومات، فإذا کان وجوب الصلاة ظنّيًا يکون حکمه بوجوب مقدّمتها ظنّيًا
أيضًا؛ لأنّ النتيجة تابعةٌ لأخسّ المقدّمتين. فلمّا کانت جميع الأحکام المستفادة
من الکتاب والسنّة ظنّيةً، فلا محالة فإنّ جميع هذه الأحکام الثابتة بالملازمات
ظنّيةٌ. نعم، إذا ثبت حکم بالضرورة من الدين کوجوب الصلاة في الوقت، يکون لازمُه
وهو وجوب تحصيل الإتيان بمقدّماتها قطعيًّا أيضًا، فلا تغفل.