والأوّل غير قابل للإمضاء من الشارع ، لأن الأمر بالحجّ عن نفسه حجّة الإسلام غير ساقط وباق على حاله ، فكيف يؤمر بالحجّ النيابي الذي هو في عرض حجّه الوجوبي ، وليس هو إلاّ الأمر بالضدين في عرض واحد وهو غير ممكن . والثاني ممكن إلاّ أن فيه تعليق الإجارة على عصيان الأمر الوجوبي المتوجه إليه أي تعليق المنشأ ، وهو موجب للبطلان جزماً للتعليق في المعاملة » فإن هذا الوجه أيضاً لا يمكن أن يكون وجهاً للبطلان في المقام ، وذلك لأن الاستطاعة قبل أن يؤجر نفسه للحج إن كانت موجودة قبل أن يؤجر نفسه للحج هذه السنة فلا تكون الإجارة على الحجّ المطلق قابلة للامضاء من الشارع ، لأن معنى امضائها الأمر بالضدين في عرض واحد وهو غير ممكن . وأما لو كانت الاستطاعة حاصلة بعد إجارة الإنسان نفسه للحج عن الغير كما هو محل الكلام فأدلة إمضاء الإجارة ونفوذها غير قاصرة الشمول لهذه الإجارة ، إذ لا أمر بالحجّ عن نفسه هذه السنة حجّة الإسلام ، وإنّما يوجد بعد صحّة الإجارة ووجوده بعد صحّة الإجارة لا يستلزم الأمر بالضدين من إمضاء الإجارة ، فامضاء الإجارة لا يوجب الأمر بالضدين ، فلا مانع من امضائها من الشارع ، لأن وجوب الحجّ النيابي يكون مقدماً ، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الثانية وجب الحجّ عن نفسه حجّة الإسلام وإلاّ فلا ، ولذا قالوا إنه يصح لغير المستطيع أن يؤجر نفسه للحج هذه السنة - أو مطلقاً - وإن استطاع بمال الإجارة في المسألة 55 [ 3052 ] وقالوا بلزوم تسليم العمل المستأجر عليه - لو كانت الإجارة هذه السنة - إلى من يستحقه ، كما لو آجر نفسه للبناء أو الخياطة في سنة ثمّ استطاع فيها ، فإن وجوب تسليم العمل المستأجر عليه حجاً كان أو غيره مقدم ، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الثانية وجب الحجّ عن نفسه وإلاّ فلا ، ففي المقام الأمر كذلك لو آجر نفسه للحج عن الغير ثمّ استطاع بموت مورثه ، لا وجه للقول ببطلان الإجارة - إذ لا فرق في الاستطاعة الحاصلة بين أن تحصل بمال الإجارة أو بموت مورثه فجأة - فإن مقتضى عمومات صحّة الإجارة ونفوذها صحتها في المقام ولزوم العمل بها استطاع بعد ذلك أو لا ، فإن استطاع بعد ذلك وجب الحجّ عن نفسه أيضاً ، إلاّ أنه يقدم الحجّ المستأجر عليه للزوم تسليم العمل المستأجر عليه إلى المستأجر ، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الثانية وجب الحجّ وإلاّ فلا . والمقصود أنه لا يلزم هنا أي في فرض تحقق الاستطاعة بعد الإجارة لا يلزم من إمضاء الإجارة من الشارع الأمر بالضدين ، نعم يلزم ذلك لو كانت الاستطاعة حاصلة قبل الإجارة للحج النيابي هذه السنة .
وعليه فالصحيح هو ان الاستطاعة إن كانت حاصلة قبل أن يؤجر نفسه للحج هذه السنة فالإجارة باطلة ، وإن كانت حاصلة بعد أن آجر نفسه للحج عن الغير هذه السنة سواء كانت حاصلة بمال الإجارة أو بموت مورثه فالإجارة صحيحة كما قاله قال الماتن ( قدس سره ) .
ومنه يظهر الحال فيما إذا كان جاهلاً بوجوب الحجّ عليه أو جاهلاً بفوريته فآجر نفسه ولم يعلم بوجوب الحجّ عليه أو بفوريته إلاّ بعد الفراغ من أعمال الحجّ أو ما بحكمه .