في تاريخه: إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة
في فضائل الصّحابة افتعلت في أيّام بني اميّة تقرّبا اليهم بما يظنّون أنّهم
يرغمون به أنف بني هاشم.
و يشهد بذلك
ما تقدّم روايته في شرح الكلام السّابع و التّسعين من الخبر الذي رويناه من البحار
عن كتاب سليم بن قيس الهلالي.
(و ليس عند
أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من الكتاب) أى متاع أكسد و أفسد من كتاب اللَّه سبحانه (إذا تلى
حقّ تلاته) و فسّر على الوجه الذى انزل عليه و على المعنى الذي اريد منه، و ذلك
لمنافاة المعنى المراد و الوجه الحقّ لأغراض أهل ذلك الزّمان الغالب على أهله
الباطل و اتّباع الهوى.
(و لا أنفق
منه) بيعا و أكثر رواجا (إذا حرّف عن مواضعه) و مقاصده الأصليّة و
ذلك لموافقة أغراضهم الفاسدة (و لا في البلاد شيء أنكر من المعروف و لا
أعرف من المنكر) لما ذكرناه في شرح الكلام السابع عشر من أنّ المعروف لما خالف
أغراضهم و مقاصدهم طرحوه حتّى صار منكرا بينهم يستقبحون فعله، و المنكر لما وافق
دواعيهم لزموه حتّى صار معروفا بينهم يستحسنون أخذه.
(فقد نبذ
الكتاب) وراء ظهره (حملته) أي أعرض عنه و ترك
التدبّر فيه و العمل به قرّاؤه الحاملون له كمثل الحمار يحمل أسفارا (و تناساه
حفظته) أى تغافلوا عن اتّباعه و عن امتثال أوامره و نواهيه (فالكتاب
يومئذ و أهله) الّذين يتلونه حقّ تلاوته و هم أئمّة الدّين و أتباعهم الّذين
يعملون به و يتّبعونه (طريدان منفيان) لأنّ أهل ذلك الزّمان برغبتهم إلى
الباطل و عدولهم عن الحقّ معرضون عن الكتاب الهادي إلى الحقّ و عن أهله الأدلّاء
اليه، بل مؤذون لهم فيما يخالفونهم فيه مما يقتضيه أحكام الكتاب، فكان إعراضهم عنه
و عنهم إبعادا لهما و نفيا و طردا (و صاحبان مصطحبان في طريق واحد) أى متلازمان
متّفقان على الدلالة في طريق الحقّ (لا يؤويهما مؤو) أى لا يضمّهما أحد
من ذلك الزّمان إليه و لا ينزلهما عنده لنفرته عنهما و مضادّتهما لهواه.
(فالكتاب و
أهله في ذلك الزّمان في النّاس) و بينهم ظاهرا (و ليسا فيهم)