قول
(يجمعه و يضمّه) يعنى أنّ انتظام أمر الرّعية إنما هو برئيسهم
كما أنّ انتظام الخرز إنّما هو بالنظام و الخيط الّذي ينتظم به و محلّه من
الرّعيّة محلّه من الخرز (فاذا انقطع النظام) و انضم (تفرّق الخرز و ذهب) و انتثر (ثمّ لم يجتمع بحذافيره) أى بجوانبه (أبدا) و كذلك إذا ارتفع الأمير من بين الرعيّة و لم يكن فيهم فسد حال
الرّعية و ضاع نظم امورهم.
ثمّ رفع
الفزع عن عمر بقلّة جنده و كثرة العدوّ فقال (و العرب اليوم و
ان كانوا قليلا) بالعدد مجاز (فهم كثيرون بالاسلام) قال الشارح
البحرانى: أراد بالكثرة القوّة و الغلبة مجازا اطلاقا للاسم مظنّة الشيء على
الشيء (عزيزون) أى غالبون (بالاجتماع) أى باجتماع
الرّأي و اتّفاق القلوب، و هو خير من كثرة الأشخاص مع النفاق.
و لما مهّدما
مهّده من المقدّمة أمره بالقيام في مقامه و الثبات في مركزه فقال (فكن
قطبا) قائما بمكانك (و استدر الرّحى) أي رحى الحرب (بالعرب) و
استعانتهم (و اصلهم) أى ادخلهم (دونك نار الحرب) لأنّهم ان
سلموا و غنموا فهو الغرض، و ان انقهروا و غلبوا كنت مرجعا لهم و ظهرا يقوى ظهورهم
بك و تتمكّن من اصلاح ما فسد من امورهم.
و لمّا أمره
بالثبات في مقامه نبّهه على مفاسد الشخوص و ما فيه من الضّرر و هو أمران:
أحدهما ما
أشار إليه بقوله: (فانك إن شخصت من هذه الأرض) و نهضت معهم إلى
العدوّ (انتقضت عليك العرب من أطرافها) أي من أطراف الأرض (و
أقطارها) و ذلك لقرب عهدهم يومئذ بالاسلام و عدم استقراره في قلوبهم و ميل
طبائعهم الى الفتنة و الفساد، و مع علمهم بخروجك و تركك للبلادهاج طمعهم و صار
فتنتهم على الحرمين و ما يضاف إليهما (حتّى يكون ما تدع ورائك من العورات) و خلل
الثغور (أهمّ إليك ممّا بين يديك) و الأمر الثاني ما أشار إليه بقوله: (انّ
الأعاجم إن) تخرج اليهم بنفسك