الوصفين، فشبها بالمحلّ الّذي يحلّ فيه
الشّيء و أطلق عليهما لفظ المنجاة من باب تسمية الشيء باسم محلّه.
و لمّا أمر
بالتّقوى و الطّاعة و كانت الطّاعة عبارة عن امتثال الأوامر و النّواهي أشار إلى
أنّ اللّه سبحانه قد أعذر و أنذر و أتمّ الحجّة و لم يبق لأحد معذرة في التقصير
حيث (رهب) المجرمين بعذاب الجحيم و السخط العظيم (فأبلغ) في ترهيبه (و رغب) المطيعين في
درجات الجنان و الحور و الغلمان و أكبر نعمائه الرّضوان (فأسبغ) و أكمل في
ترغيبه (و وصف لكم) في قوله:
كما وصف في
غيره من آيات الكتاب الكريم و القرآن الحكيم (الدّنيا و
انقطاعها و زوالها و انتقالها) و حيث إنّها موصوفة بالانقطاع متّصفة بسرعة
الزّوال و الانقضاء (فاعرضوا) بقلوبكم (عمّا يعجبكم
منها) من زينتها و زخارفها و ازهدوا فيها و في رياشها (لقلّة ما
يصحبكم منها) قال الشارح البحراني: و إنّما قال: لقلّة ذلك و لم يقل لعدمه لأنّ
السالكين لا بدّ أن يستصحبوا منها شيئا و هو ما يكتسبه أحدهم من الكمالات إلى
الآخرة، و لكنّ القدر الذي يكتسبه المترفون من الكمالات إذا قصدوا بأموالهم و ساير
زينة الحياة الدّنيا الوصول إلى اللّه نزر قليل، و مع ذلك فهم في غاية الخطر و
مزلّة القدم في كلّ حركة و تصرّف، بخلاف أهل القشف الذين اقتصروا منها على مقدار
الضرورة البدنيّة، و يحتمل أن يريد بالقليل الّذي يصحبهم منها كالكفن و نحوه.
(أقرب دار
من سخط اللّه) لأنّها محفوفة بالشهوات الموجبة لسخطه و أكثر أهلها محبّون لها
راغبون إليها متابعون للهوى، و رأس كلّ خطيئة حبّ الدّنيا