(و إن شئت ثنّيت)
إعراض رسول اللّه 6 عن الدّنيا
(ب) اعراض (موسى كليم اللّه) عنها أو إن شئت ثنّيت الاسوة بالرّسول 6
بالاسوة بالكليم (إذ يقول) ما
حكى اللّه سبحانه عنه في سورة القصص بقوله رَبِّ إِنِّي لِما
أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ أى إنّي محتاج[1]
إلى ما أنزلت إليّ أو سائل طالب لما أنزلته، أو إنّي فقير من الدّنيا لأجل ما
أنزلت إليّ من خير الدّين و هو النّجاة من الظّالمين أى صرت فقيرا لأجل ذلك لأنّه
كان عند فرعون في ثروة و سعة و ملك، و قال 7 ذلك رضا بالبدل النبي و
فرحا به و شكرا له، و على ذلك فالمراد بما في قوله
لما أنزلت، هو خير الدّين و النّجاة من الظّالمين و قال
في الكشاف إنّى لأيّ شيء أنزلت إلىّ قليل أو كثير غثّ أو سمين لفقير.
و حمله
الأكثرون على الطعام، و يؤيّده ما في الصّافي عن الكافي و العياشي عن الصّادق 7 سأل الطعام، قال: و في الاكمال روى أنّه قال ذلك و هو محتاج إلى شقّ تمرة.
و في مجمع
البيان عن ابن عبّاس قال: سأل نبيّ اللّه فلق خبز يقيم به صلبه و يؤيّده أيضا كما
يؤيّد تضمين فقير معنى سائل و كون اللّام للصّلة قول أمير المؤمنين 7 (و اللّه
ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنّه كان يأكل بقلة الأرض) إذ خرج من مدينة
فرعون خائفا يترقّب بغير ظهر و لا دابّة و لا خادم و لا زاد تخفضه الأرض مرّة و
ترفعه اخرى حتّى انتهى إلى أرض مدين، و كان بينه و بين مدين مسيرة ثلاثة أيّام، و
قيل: ثمانية، فخرج منها حافيا و لم يصل إلى مدين حتّى وقع خفّ قدميه، و كان لا
يأكل في مدّة مسيرها إلّا حشيش الصّحراء و بقل الأرض.
(و لقد كانت
خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه) يعني أنّ جلد بطنه
[1] هذا مبنى على تضمين فقير معنى محتاج و جعل اللّام بمعنى الى،
و الثاني مبنى على تضمينه معنى الطلب و السؤال و جعل اللام للصلة، و الثالث مبنى
على ابقاء الفقير على معناه الاصلى و جعل اللّام للتعليل، و لكلّ واحد قال
المفسرون، منه