قال في مجمع البيان معناه يا أيّها
العقلاء المكلّفون اتّقوا عذاب ربّكم و اخشوا معصية ربّكم إنّ زلزلة الأرض يوم
القيامة أمر عظيم هايل لا يطاق، يوم ترون الزّلزلة أو السّاعة تشغل كلّ مرضعة عن
ولدها و تنساه، و تضع الحبالي ما في بطونها و هو تهويل لأمر القيامة و تعظيم لما
يكون فيه من الشّدايد أى لو كان ثمّ مرضعة لذهلت أو حامل لوضعت و إن لم يكن هناك
حامل و لا مرضعة، و ترى النّاس سكارى من شدّة الخوف و الفزع، و ما هم بسكارى من
الشّراب و قيل: معناه كأنّهم سكارى من ذهول عقولهم لشدّة ما يمرّ بهم لأنّهم
يضطربون اضطراب السّكران هذا (و)
لشدّة ذلك اليوم أيضا تمثيل (يشيب فيه الأطفال) كما قال تعالى:
يَوْماً
يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً.
قال
الطّبرسيّ: و هذا وصف لذلك اليوم و شدّته كما يقال هذا أمر يشيب منه الوليد و تشيب
منه النّواصي إذا كان عظيما شديدا.
و قال
الشّارح المعتزلي: قوله 7 و يشيب فيه الأطفال كلام جار مجرى المثل
و ليس ذلك على حقيقته لأنّ الامّة مجتمعة على أنّ الأطفال لا يتغيّر
حالهم في الآخرة إلى الشّيب، و الأصل في هذا أنّ الهموم و الأحزان إذا توالت على
الانسان شاب سريعا قال أبو الطّبيب:
و الهمّ يخترم الجسيم مخافة
و يشيب ناصية الصّبيّ و يهرم
ثمّ عقّب
بالتّحذير من المعاصي بقوله (اعلموا عباد اللّه أنّ عليكم رصدا من
أنفسكم) أى حرسا و حفظة ملازمين لكم غير منفكّين عنكم، و أراد به الجوارح و
الأعضاء، و لذا فسّره بقوله (و عيونا من جوارحكم) مراقبين لكم شهداء
عليكم يوم القيامة كما قال تعالى في سورة السّجدة: