التعليل راجع الى الجملات المتقدّمة
بأسرها، و المقصود أنّ لكلّ من الصانع و المصنوع صفات تخصّه و تليق به و يمتاز بها و بها يفارق الآخر فالمخلوقية و
الحدوث و الاشتباه و الملموسيّة و المحجوبيّة بالسواتر من لواحق المصنوعات و
الممكنات و أوصافها اللّايقة لها، و الخالقيّة و الأزليّة و التنزّه عن المشابهة و
عن استلام المشاعر و احتجاب السّواتر من صفات الصّانع الأوّل و ممّا ينبغي له و
يليق به، و يضادّ ما سبق من أوصاف الممكنات، فلو جرى فيه صفات المصنوعات أو في
المصنوعات صفاته لارتفع الافتراق و وقع المساواة و المشابهة بينه و بينها، فيكون
مشاركا لها في الحدوث المستلزم للامكان المستلزم للحاجة إلى الصّانع، فلم يكن بينه
و بينها فصل و لا له عليها فضل، و كلّ ذلك أعني المساوات و المشابهة و عدم الفصل و
الفضل ظاهر البطلان، هذا و المراد بالحادّ خالق الحدود و النّهايات، و الصّانع و الربّ بينهما تغاير بحسب الاعتبار و هو دخول المالكيّة في مفهوم
الرّبوبيّة دون الصّنع.
السادس (الأحد لا
بتأويل عدد) يعني أنّه أحدىّ الذّات ليس كمثله شيء و أحدىّ الوجود لا جزء له
ذهنا و لا عقلا و لا خارجا، و ليست وحدانيّته وحدانيّة عدديّة بمعنى أن يكون مبدء
لكثرة تعدّ به كما يقال في أوّل العدد واحد، و قد مرّ تحقيق ذلك في شرح الخطبة
الرّابعة و السّتين.
(و) السابع (الخالق
لا بمعنى حركة و نصب) يعني أنّه سبحانه موجد للأشياء بنفس قدرته التّامة
الكاملة و خلقه الابداع و الافاضة من دون حاجة إلى حركة ذهنيّة أو
بدنيّة كما لساير الصّانعين، لأنّ الحركة من عوارض الأجسام، و هو منزّه عن
الجسميّة كما لا حاجة في ايجاده إلى المباشرة و التعمّل حتّى يلحقه نصب و تعب، و
إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
(و) الثامن (السّميع
لا بأداة) و هى الأذنان و الصّماخان و القوّة الكائنة تحتهما، لتعاليه عن
الآلات الجسمانيّة، بل سمعه عبارة عن علمه بالمسموعات، فهو نوع مخصوص من العلم
باعتبار تعلّقه بنوع من المعلوم، و قد تقدّم في شرح الفصل