محدودة لامتناع مشابهة الممكن الواجب في
تلك الصّفات الّتي هي من لوازم وجوب الوجود، و لعلّ الأوسط أظهر.
الرابع أنّه (لا
تستلمه المشاعر) أى لا تلمسه لأنّ مدركات المشاعر مقصورة على الأجسام
و الأعراض القائمة بها، و هو سبحانه ليس بجسم و لا جسمانيّ، فامتنع إدراك المشاعر
و لمسها له، و يحتمل أن يراد بالمشاعر المدارك مطلقا سواء
كانت قوّة ماديّة مدركة للحسيّات و الوهميات أو قوّة عقليّة مدركة للعقليّات و
الفكريات اذ ليس للمدارك مطلقا إلى معرفة كنه ذاته سبيل، و لا على الوصول الى
حقيقه صفاته دليل، كما مرّ في شرح الفصل الثاني من الخطبة الاولى.
(و) الخامس (لا تحجبه
المساتر) أى الحجابات الّتي يستر بها، و في أكثر النّسخ: السواتر بدلها و
معناهما واحد، و المراد أنه لا يحجبه حجاب و لا يستتر بشيء من السواتر لأنّ الستر
و الحجاب من لوازم ذى الجهة و الجسمية، و هو تعالى منزّه عن ذلك.
فان قلت: قد
ورد في الحديث إنّ اللَّه احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار و أنّ الملاء
الأعلى يطلبونه كما أنتم تطلبونه، فكيف التوفيق بينه و بين قول الامام 7؟
قلت: ليس
المراد من احتجابه عن العقول و الأبصار أن يكون بينه و بين خلقه حجاب جسمانيّ مانع
عن إدراكه و الوصول اليه تعالى، بل المراد بذلك احتجابه عنهم لقصور ذواتهم و نقصان
عقولهم و قواهم، و كمال ذاته و شدّة نوره و قوّة ظهوره، فغاية ظهوره أوجب بطونه، و
شدّة نوره أوجب احتجابه كنور الشمس و بصر الخفاش، و قد حقّقنا ذلك بما لا مزيد
عليه في شرح الخطبة الرّابعة و الستين و شرح الفصل الثاني من الخطبة التسعين، و
بما ذكرنا أيضا ظهر فساد ما ربما يتوهّم من أنه إذا لم يكن محجوبا بالسواتر لا بدّ
و أن يعرفه كلّ أحد و يراه، هذا.
و قوله (لافتراق
الصانع و المصنوع و الحادّ و المحدود و الربّ و المربوب)