البحراني حيث قال: و ما زالت أئمة أهل
البيت : مغمورين في النّاس لا يعرفهم إلّا من عرّفوه أنفسهم حتّى لو
تعرّفهم من لا يريدون معرفته لم يعرفهم، لست أقول لم يعرف أشخاصهم بل لا يعرف
أنّهم أهل الحقّ و الأحقّون بالأمر.
(ثمّ
ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين النّصل) قال الشّارح المعتزلي: يريد ليحرضنّ في هذه
الملاحم قوم على الحرب و قتل أهل الضّلال، و ليوطننّ عزائمهم كما يشحذ الصّيقل السّيف
و يطلق حدّه.
استعاره [ثمّ
ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين النّصل] و قال الشّارح البحراني: أى في أثناء ما يأتي
من الفتن تشحذ أذهان قوم و تعدّ لقبول العلوم و الحكمة كما يشحذ الحدّاد النّصل، و
لفظ الشّحذ مستعار لاعداد الأذهان، و وجه الاستعارة الاشتراك في
الاعداد التّام النّافع، فهو يمضى في مسائل الحكمة و العلوم كمضىّ النّصل فما يقطع
به و هو وجه التّشبيه المذكور، انتهى.
أقول: فعلى
قول الأوّل يكون المراد بقوله 7: قوم، أنصار إمام
الزمان 7 و أصحابه، و على قول الثّاني يكون المراد به علماء الامّة
المستجمعين لكمالات النفوس، السّالكين لسبيل اللَّه من جاء منهم قبلنا و من يأتي
في آخر الزمان و وصف هؤلاء بقوله (يجلى بالتنزيل أبصارهم و يرمى بالتّفسير
في مسامعهم) أى يكشف الرّين و تدفع ظلمات الشّكوك و الشّبهات عن أبصار بصائرهم
بالقرآن و التّدبر في بديع اسلوبه و معانيه، و يرمى بتفسيره حقّ التفسير في
مسامعهم، و الجملة الثّانية بمنزلة التّعليل للأولى، يعني أنّهم لتلقّيهم
تفسيره على ما يحقّ و ينبغي من أهل الذكر الذينهم معادن التنزيل و التّأويل و
تحصيلهم المعرفة عنهم : بمعانيه و مبانيه و اسراره الباطنة و الظاهرة
و حكمه الجليّة و الخفيّة ارتفعت غطاء الشّبهات و غشاوة الشّكوكات عن ضمائرهم و
بصائرهم، فاستعدّت أذهانهم لادراك المعارف الحقّة و الحكم الالهيّة، و لم يزل
الأسرار الرّبانيّة و العنايات الالهيّة تفاض اليهم صباحا و مساء.
و هو معنى
قوله: استعاره بالكنايه- استعاره تخييلية- استعاره مرشحة (و يغبقون كأس
الحكمة بعد الصّبوح) و هو من باب الاستعارة