الامامة و الولاية، فلا توجب ظلماتها
انحرافه عن طريق الهدى، و لا توقع له شبهة في عقيدته الصّادقة الصّافية بل يسلك
فيها مسلك الحقّ المبين (و يحذو فيها على مثال) أسلافه (الصّالحين) و
يقتفى آثار أولياء الدّين (ليحلّ فيها ربقا و يعتق
رقّا) أى يستفكّ الهدى و ينقذ مظلومين من أيدى الظّالمين، و
يحتمل أن يكون كناية عن حلّه فيها ربق الشّك من أعناق النّفوس و عتقها من ذلّ
الجهل (و يصدع شعبا و يشعب صدعا) أى
يفرّق ما اجتمع و اتّفق من الضّلال و يصلح ما تشتّت و تفرّق من الهدى.
و قوله: (في سترة
عن النّاس) قال الشّارح المعتزلي هنا بعد بنائه على أنّ المراد بالموصول في
قوله 7 سابقا: و من أدركها، هو مهدىّ آل محمّد
سلام اللَّه عليه و على آبائه الطّاهرين: إنّ هذا الكلام يدلّ على استتار هذا
الانسان المشار إليه و ليس ذلك بنافع للاماميّة في مذهبهم و إن ظنّوا أنّه تصريح
بقولهم، و ذلك لأنّه من الجايز أن يكون هذا الامام يخلقه اللَّه في آخر الزّمان و
يكون مستترا مدّة و له دعاة يدعون إليه و يقرّرون أمره ثمّ يظهر بعد ذلك الاستتار
و يملك المماليك و يقهر الدّول و يمهّد الأرض كما ورد في الخبر انتهى.
أقول: قد
أشرنا في شرح الخطبة المأة و الثّامنة و الثلاثين أنّ المهدىّ صاحب الزّمان عليه
صلوات الرّحمن مخلوق موجود الآن، و أنّ خلاف المعتزلة و من حذا حذوهم فيه و
إنكارهم لوجوده بعد ممّا لا يعبأ به بعد قيام البراهين العقليّة و النقلية و دلالة
الأصول المحكمة على وجوده كما هو ضروريّ مذهب الاماميّة رضوان اللَّه عليهم، و كتب
أصحابنا في الغيبة كفتنا مؤنة الاستدلال في هذا المقام و كيف كان فلو اريد
بالموصول خصوص امام الزّمان 7 لا بدّ أن يكون المراد بقوله: في سترة
عن النّاس، غيبته و استتاره عن أعين النّاس، و يكون قوله (لا يبصر
القائف أثره و لو تابع نظره) إشارة إلى شدّة استتاره و عدم إمكان الوصول
إليه و لو استقصى في الطلب و بولغ في النّظر و التّأمل إلّا للأوحدىّ من النّاس
إذا اقتضت الحكمة الالهيّة، و لو اريد به العموم كان المقصود به ما قاله الشّارح