الشكر سببا لمزيدها كما قال: لئن شكرتم
لأزيدنّكم، و هذا هو الأظهر، و لذا اختار الشّكر على الحمد لمحا للآية الشريفة.
تشبيه مقلوب (نحمده
على آلائه كما نحمده على بلائه) و هذا من باب التشبيه المقلوب و الغرض منه
عايد إلى المشبّه به و هو ايهام أنّه أتمّ من المشبّه و ان كان الحمد على الآلاء
أكثر و أشهر، و مثله قوله:
و بدا الصّباح كأنّ غرّته
وجه الخليفة حين يمتدح
فانه قصد
ايهام أنّ وجه الخليفة أتمّ في الوضوح و الضّياء من الصّباح و ان كان الأمر بحسب
الواقع بالعكس هذا، و فيه ارشاد للعباد على القيام بوظايف الحمد عند السّراء و
الضرّاء، و الملازمة بمراسم التّحيّة و الثناء في حالتي الشدّة و الرّخاء لأنّ
الرضاء بالقضاء و الصّبر على البلا يوجبان الثواب الجميل و الأجر الجزيل في العقبى
فبذلك الاعتبار البلاء منه سبحانه أيضا نعمة توجب الحمد للَّه تعالى قال:
و في رواية
الكافي عن داود بن فرقد عن أبي عبد اللَّه 7 قال إنّ فيما أوحى اللَّه
تعالى إلى موسى بن عمران يا موسى بن عمران ما خلقت خلقا أحبّ إلىّ من عبدى المؤمن،
و انى انما أبتليه لما هو خير له، و أزوى عنه لما هو خير له، و أنا أعلم بما يصلح
عليه عبدى، فليصبر على بلائى و ليشكر نعمائي و ليرض بقضائى اكتبه في الصّديقين
عندي إذا عمل برضائي و أطاع أمري (و نستعينه على هذه النفوس) المايلة
بمقتضى جبلّتها إلى المفاسد و المقابح و الراغبة عن المنافع و المصالح (البطاء
عمّا امرت به) من العبادات و الطّاعات (السّراع إلى ما نهيت عنه) من المعاصي
و السّيئآت (و نستغفره ممّا أحاط به علمه و أحصاه كتابه) من صغاير
الذّنوب و كبايرها و بواطن السّيئات و ظواهرها و سوالف الزّلّات و حوادثها (علم غير
قاصر) عن شيء و لا يعزب عنه ممّا في الأرض و السّماء من شيء (و كتاب