و الحسد و الاستيثار بالدّنيا عن اتّباع
الهوى (و قد راح) أى تنحّى و بعد (الباطل) أى باطلهم (عن نصابه) و أصله يعني ما أتوا به من
الباطل لا أصل له استعاره بالكنايه- استعاره تخييلية- استعاره مرشحة (و انقطع لسانه عن شغبه) استعارة بالكناية
حيث شبّه الباطل بحيوان ذى لسان فأثبت له اللّسان تخييلا و ذكر الشّغب ترشيح.
و محصّل
المراد أنّه بعد وضوح الأمر فيّ و في أنّي على الحقّ لم يبق للباطل أصل و قد خرس و
اعتقل لسانه عن تهيّج شرّه، و يحتمل أن يكون المرد بالباطل الباطل الّذي كان له
رواج في زمن المتخلّفين الثلاثة، أى قد زال الباطل بعد موتهم و بيعة النّاس إلىّ
عن أصله و تزعزعت أركانه و انهدم بنيانه و انقطع لسانه بعد ما هيّج شرّه فلا اعتداد
بنكث هؤلاء القوم و بغى هذه الباغية.
ثمّ هدّدهم
بقوله (و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه) و قد سبق شرح هذه
الفقرة في شرح الخطبة العاشرة و قوله (لا يصدرون عنه برىّ) يعني أنّ هذا الحوض
ليس كسائر الحياض الحقيقية التي يردها الظّمان فيصدر عنها برىّ و يروى غلّته، بل
الواردون إليه أن لا يعود (و لا يعبّون بعده في حسى) أى لا
يشربون بعده بارد الماء ابدا لهلاكهم و غرقهم في ذلك الحوض.
و قال السيد
(ره) (منها) هكذا في أكثر ما عندنا من النّسخ، و الأولى منه بدله كما في بعضها و
لعلّ الأوّل من تحريف النّساخ لأنّ العنوان بقوله:
و من كلام،
فلا وجه لتأنيث الضّمير الرّاجع إليه و الغرض بهذا الفصل تأكيد الاحتجاج على الفئة
الباغية بنحو آخر و هو قوله: تشبيه (فأقبلتم إلىّ) للبيعة مزدحمين
منثالين (إقبال العوذ المطافيل) أى الوالدات الحديثات النتاج و ذات
الطّفل على أولادها و تشبيهه إقبالهم باقبالها لأنّها أكثر إقبالا و أشدّ عطفا و
حنّة على أولادها.
(تقولون
البيعة البيعة) أى هلمّ البيعة أقبل إليها و فائدة التكرار شدّة حرصهم إليها و فرط
رغبتهم فيها (قبضت كفّى) و امتنعت (فبسطتموها مجاز فى
الاسناد و نازعتكم يدي) من التّوسع في الاسناد أى نازعتكم بيدى و تمنّعت
(فجاذبتموها) فبايعتم عن جدّ و طوع منكم و كره و زهد منّى