ثمّ شكا إلى اللّه سبحانه من طلحة و
الزّبير بقوله (اللّهمّ إنّهما قطعاني) أى قطعا رحمى لأنّهما كانت لهما رحم ماسة به 7 لكونهم
جميعا من قريش مضافا إلى ما للزّبير من القرابة القريبة فانّه كان ابن عمّة أمير
المؤمنين و امّه صفية بنت عبد المطّلب 7
(و ظلماني) في خروجهما إلىّ و مطالبة ما ليس لهما بحقّ (و نكثا بيعتي) و نقضاها (و ألبّا النّاس) و أفسداهم (عليّ).
ثمّ دعا
عليهما بقوله (فاحلل ما عقدا) من العزوم الفاسدة الّتي أضمراها في نفوسهم (و لا
تحكم لهما ما أبرما) أى لا تجعل ما أبرماه و أحكماه في أمر الحرب محكما مبرما (و أرهما
المسائة فيما أمّلا و عملا) أى أرهما المسائة في الدّنيا و الآخرة و لا
تنلهما آمالهما و اجزهما السّوءى بأعمالهما و أفعالهما.
ثمّ اعتذر من
قتاله معهما بانّه انّما قام بالقتال بعد اكمال النّصح و الموعظة و اتمام الحجّة
قاصرا على البغى فيكون اللّائمة في ذلك راجعة اليهما لا إليه و الذّنب عليهما لا
عليه و هو معنى قوله (و لقد استتبتهما قبل القتال) أى طلبت منهما أن
يرجعا عن البغى أو يتوبا عن ذنبهما استعطافا لهما (و استأنيت بهما
قبل الوقاع) أى تأنّيت و تثبّت بهما قبل وقاع الحرب لعلّهما يرجعا إلى الحقّ (ف) لم يقبلا
نصحى و لم يسمعا قولى بل أصرّا على البغى و المخالفة و (غمطا النّعمة) اى استحقرا
ما أنعم اللّه عليهما و هو قسمتهما من بيت المال و طلبا الزّيادة و التّوفير (و ردّا
العافية) أى السّلامة في الدّنيا و الدّين فكان عاقبتهما أنّهما في النّار
خالدين.
تنبيه
قال الشّارح
المعتزلي في شرح قوله 7: اللّهم إنّهما قطعاني إلى قوله و عملا امّا و
صفهما بما وصف به من القطع و الظلم و النّكث و التأليب فقد صدق 7 فيه،
و أمّا دعاؤه فاستجيبت له و المسائة التي دعا بهما مسائة الدّنيا لا مسائة الآخرة،
فانّ اللّه قد وعدهما على لسان رسوله 6 بالجنّة و
إنّما استوجبا بالتوبة التي ينقلها أصحابنا عنهما في كتبهم و لولاها لكانا من
الهالكين.