مجدع، فخرج إلى الرّبذة فأقام هنا مدّة.
ثمّ دخل المدينة فدخل على عثمان و النّاس عنده سماطين فقال: إنّك أخرجتني من أرض
إلى أرض ليس بها زرع و لا ضرع إلّا شويهات و ليس لي خادم إلّا همررة و لا ظلّ إلّا
ظلّ شجرة، فأعطنى خادما و غنيمات أعيش فيها، فتحوّل وجهه عنه إلى السّماط الآخر
فقال مثل ذلك فقال له حبيب بن سلمة: لك عندى يا أبا ذر ألف درهم و خادم و خمسمائة
شاة، قال أبو ذر: أعط خادمك و ألفك و شويهاتك من هو أحوج إلى ذلك منّى، فانّى
إنّما أسأل حقّي في كتاب اللّه، فجاء عليّ 7 فقال له عثمان: ألا تغنى
عنها سفيهك هذا قال: أىّ سفيه؟ قال: أبو ذر، قال عليّ 7: ليس بسفيه
سمعت رسول اللّه 6 يقول ما أظلّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء
على أصدق لهجة من أبي ذر، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون إن يك كاذبا فعليه كذبه و إن
يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم قال عثمان: التراب في فيك، قال عليّ: 7
بل التّراب في فيك، انشد باللّه من سمع رسول اللّه 6 يقول ذلك
لأبي ذر، فقام أبو هريرة و عشرة فشهدوا بذلك قول عليّ 7 قال ابن عبّاس:
كنت عند أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء الخادم فقال:
هذا أمير
المؤمنين بالباب، فدخل عثمان فجلس فقال له العبّاس تعشّ، قال: تعشّيت فوضع يده
فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده و جلست و تكلّم عثمان فقال:
يا خال أشكو
اليك ابن أخيك يعنى عليّا فانّه أكثر في شتمى و نطق في عرضى و أنا أعوذ باللّه في
ظلمكم بني عبد المطلب إن يكن هذا الأمر لكم فقد سلّمتموه إلى من هو أبعد منّي و إن
لا يكن لكم فحقّى أخذت، فتكلّم العبّاس فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على النّبيّ
6 و ذكر ما خصّ اللّه به قريشا منه و ما خصّ به بني
عبد المطلب خاصّة ثمّ قال: أما بعد فما حمدتك لابن أخي و لا حمدت ابن أخى فيك، و
ما هو وحده فقد نطق غيره فلو أنّك هبطت ممّا صعدت و صعدوا ممّا هبطوا لكان ذلك
أقرب، فقال: أنت ذلك يا خال، فقال: أتكلّم بذلك عنك؟ قال: نعم أعطهم عنّي ما شئت،
و قام عثمان فخرج، فلم يلبث أن رجع فسلّم و هو قائم ثمّ قال:
يا خال لا
تعجل بشيء حتّى أعود إليك، فرفع العبّاس يديه و استقبل القبلة فقال: