فقال: يا محمّد ما تصنع؟ قال: أعبد إله
السّماوات و الأرض و معي علىّ يعبد ما أعبد، و أنا أدعوك إلى عبادة اللّه الواحد
القهّار، فضحك أبو طالب حتّى بدت نواجده و أنشأ يقول:
و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم
حتّى اغيّب في التّراب دفينا
تاريخ الطّبري
و كتاب محمّد بن إسحاق أنّ النّبي كان إذا حضرت الصّلاة خرج إلى شعاب مكّة و خرج
معه عليّ بن أبي طالب مستخفيا من قومه فيصلّيان الصّلاة فيها فإذا أمسيا رجعا
فمكثا كذلك زمانا.
ثمّ روى
الثعلبي معهما أنّ أبا طالب رأى النّبيّ و عليّا يصلّيان فسأل عن ذلك فأخبره
النّبي أنّ هذا دين اللّه و دين ملائكته و دين رسله و دين أبينا إبراهيم في كلام
له، فقال عليّ: يا أبه آمنت باللّه و رسوله و صدقته بما جاء به و صلّيت معه للّه
فقال له: أما انّه لا يدعو إلّا إلى خير فألزمه.
ثمّ إنّه
7 لمّا نبّه على أنّ طلبه للخلافة إنما كان للّه سبحانه و تعالى لا
تنافسا في زخارف الدّنيا و التماسا لحطامها و عقّبه بالاشارة إلى سبقه في الاسلام
و الصّلاة مع النّبيّ المقتضي لتقدّمه على غيره أردفه بالاشارة إلى موانع الامامة
تنبيها على أنّه هو الامام دون غيره لوجود المقتضي و انتفاء الموانع فيه مع عدمه و
وجودها في غيره فقال (و قد علمتم) و حصول ذلك العلم لهم إمّا من الكتاب كقوله
تعالى: لا ينال عهدى الظّالمين، و قوله: أ فمن يهدى إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع أمّن
لا يهدّي إلّا أن يهدى، و قوله: قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون، و ما
يضاهى ذلك ممّا يستنبط منه شروط الولاية و أحكامها، و إمّا بنصّ من رسول اللّه
6 أو باعلام سابق منه 7 و على أىّ تقدير
فالمقصود به الاشارة إلى استحقاقهم للتوبيخ و التقريع لكون تقصيرهم في حقّ الامام
عن علم منهم لا عن جهل فيعذرون و يعتذرون و قوله (انّه لا ينبغي) أى لا يجوز (أن يكون
الوالي على الفروج و الدّماء و المغانم و الأحكام و إمامة المسلمين البخيل) الشّحيح و
هو في لسان الشّرع من يمنع