هالكون لافراطهم في المحبّة و ادّعائهم
للامام ما لا يرضى به و تجاوزهم فيه عن مرتبة العبوديّة إلى مرتبة الالوهية الرّبوبيّة (و) مثل هؤلاء في الاتّصاف بالهلاك (مبغض مفرّط يذهب به البغض إلى غير الحقّ)
كالنّواصب و الخوارج، قال في البحار: و تقييد البغض بالافراط لعلّه لتخصيص أكمل
الأفراد بالذّكر، أو لأنّ المبغض مطلقا مجاوز عن الحدّ، أو لأنّ الكلام إخبار عمّا
سيوجد منهم مع أنّ فيه رعاية الازدواج و التّناسب بين الفقرتين.
أقول: هذا
كلّه بناء على كون لفظة مفرط من باب الافعال، و أمّا على كونها من باب التفعيل كما
في بعض النّسخ فلا حاجة إلى التكلّف (و خير النّاس فيّ حالا النمط الأوسط) و هم
التاركون لطرفي الافراط و التّفريط، و المهتدون إلى الجادّة الوسطى و الصّراط
المستقيم السّالك بهم إلى الجنان، و الموصل لهم إلى أعظم الرّضوان و لذلك أمر
بلزومه بقوله (فالزموه و الزموا السّواد الأعظم) أى جملة النّاس و
معظمهم المتجمعين إلى طاعة السلطان العادل و سلوك المنهج المستقيم و النّهج القويم
كنايه (فانّ يد اللّه على الجماعة) و هو كناية عن الحفظ
و الدّفاع عنهم يعنى أنّ الجماعة من أهل الاسلام في كنف اللّه سبحانه (و إيّاكم
و الفرقة فانّ الشاذّ من النّاس) طعمة (للشيطان كما أنّ الشّاذّ من الغنم) فريسة (للذئب) ثمّ قال (ألا من
دعا إلى هذا الشّعار) قال البحراني: أى مفارقة الجماعة و الاستبداد بالرّأى. و
قال الشّارح المعتزلي: يعني شعار الخوارج و كان شعارهم أنّهم يحلقون وسط رؤوسهم، و
يبقون الشّعر وسطه مستديرا حوله كالاكليل، و قيل شعارهم ما ينادون به في الحرب من
قولهم: لا حكم إلّا اللّه أو لا حكم إلّا للّه كنايه (فاقتلوه و لو
كان) الدّاعى (تحت عمامتى هذه) قيل: و هو كناية عن
نفسه أى و لو كان الدّاعي أنا، و قال الشارح المعتزلي: أى و لو كان اعتصم و احتمى
بأعظم الأشياء حرمة، فلا تكفوا عن قتله ثمّ أشار إلى بطلان الصّغرى و منع كون
التّحكيم كبيرة بقوله (و إنّما حكّم