على أهل مكّة و ان كان عدوّا علينا
أخذناهم بذنوبهم و لم نأخذ صغيرا بكبير، و بعد فايّكم كان يأخذ عايشة في سهمه؟
قالوا: و هذه لك بحجّتنا قال:
و أمّا قولكم
إني كنت وصيّا و ضيّعت الوصيّة فأنتم كفرتم و قدمتم علىّ و أزلتم الأمر عنّى، و
ليس على الأوصياء الدّعا إلى أنفسهم إنما يبعث الأنبياء : فيدعون إلى
أنفسهم، و أمّا الوصىّ فمدلول عليه مستغن عن الدّعاء إلى نفسه و ذلك لمن آمن
باللّه و رسوله و لقد قال اللّه تعالى:
وَ لِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فلو ترك
الناس الحجّ لم يكن البيت ليكفر بتركهم إيّاه و لكن كانوا يكفرون بتركهم لأنّ
اللّه قد نصبه لهم علما و كذلك نصبنى علما حيث قال رسول اللّه 6: يا على أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، أنت منّي بمنزلة الكعبة تؤتى و
لا تأتي، فقالوا هذه لك بحجّتنا فادعونا، فرجع بعضهم و بقى منهم أربعة آلاف لم
يرجعوا ممّن كانوا قعدوا عنه، فقاتلهم و قتلهم إذا عرفت ذلك فأقول: إنّه قد ظهر لك
من هذه الرّواية و من رواية، المناقب المتقدّمة أنّ من جملة ما نقم الخوارج عليه
7 تحكيمه للرّجال، و من جملته أنه 7 ضرب للتحكيم أجلا
معيّنا، فساق هذا الكلام دفعا لشبهتهم و قال في ردّ الأوّل و دفعه: إنّ دعويكم
علىّ بتحكيم الرجال غير صحيحة ل (أنا لم نحكّم الرجال و انما حكّمنا القرآن
و هذا القرآن انما هو خطّ مسطور بين الدفّتين لا ينطق بلسان و لا بدّ له من مفسّر
و ترجمان و إنما ينطق عنه) و يترجمه (الرجال و لما
دعانا القوم) أى أهل الشام (إلى أن نحكّم بيننا القرآن) حسبما مرّ
تفصيله في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين (لم نكن الفريق المتولى عن كتاب
اللّه سبحانه و قد) ذمّ اللّه أقواما على ذلك حيث قال: و إذا دعوا إلى كتاب
اللّه ليحكم بينهم تولّوا إلّا قليلا منهم و هم معرضون بل لا بدّ لنا من التسليم و
الاجابة امتثالا لأمره تعالى حيث (قال عزّ من قائل فان تنازعتم في شيء
فردّوه إلى اللّه و الرّسول)